|
متابعات سياسية وإذا بدأت الحكومة التركية بتغيير مسارها فيما يخصّ دعم الإرهاب فليس لأن هناك قرارات دولية تطالبها هي والدول التي تمول وتسلح داعش وجبهة النصرة بالتوقف عن دعم الإرهاب، ولا لأن جو بايدن نائب الرئيس الأميركي كشف المستور بتأكيده أن أردوغان يدعم الإرهاب، وأيضاً ليس بسبب أن وكيل وزارة الخارجية التركية وسفير تركيا الأسبق في واشنطن شكري الاكداغ كشف أن رئيس النظام التركي رجب أردوغان ورئيس وزرائه السابق أحمد داود أوغلو يتحملان المسؤولية الكاملة عن تشكيل التنظيمات الإرهابية في سورية وفي مقدمتها تنظيما «داعش والنصرة». فقد نشهد تغييراً حاداً ومفاجئاً لكل سياسات أنقرة بسبب الضغط الشعبي التركي حيث هبطت شعبية حكومته إلى أقل من 40 بالمئة كما أن تنظيم داعش الذي كانت الحكومة التركية عراباً له سيبدأ بالتهام جذعها، في لحظة مفصلية سيهزم فيها ويصبح عبئاً على الطغمة الحاكمة في تركيا. ولا سيما أن واشنطن اختارت داعش ليكون حصان تدخلها في الشؤون السورية بذريعة محاربته ككيان إرهابي، والشعب التركي المناهض للسياسات الأميركية مستهدف بالفوضى كسائر شعوب المنطقة، فحكومة العدالة والتنمية مفروضة عليه بلعبة الديمقراطية لمنع تركيا من الخروج من عباءة الأطلسي وبقائها بيضة القبان فيه، والسنوات الخمس الماضية أثبتت فشل مشاريع ومخططات أردوغان حيث بقيت الدولة السورية وتحول تنظيم «داعش» الإرهابي بوجود مئات الخلايا النائمة منه إلى خطر يهدد الأمن الوطني لتركيا، ويبدو أن المستثنى الوحيد من خطر داعش هو الكيان الصهيوني، وكل الوعود الأميركية بأن داعش لن يضرب في تركيا كانت سراباً فأردوغان الذي جعل بلاده ممرا آمنا للإرهابيين من عناصر تنظيمات «داعش والنصرة وأحرار الشام» الإرهابية وغيرها لينتقلوا عبر أراضيها إلى سورية، وجد نفسه في متاهة كبرى: متطلبات واشنطن وضغوط شعبه وخطر داعش الذي يرتد على تركيا. المنطقة بانتظار مفاجآت وانعطافات حادة على وقع الميدان السوري، فروسيا التي ترى أمن دمشق من أمن موسكو حازمة تجاه التخلص من الإرهاب في سورية وهو ما تبلور بعد اجتماع وزراء الدفاع السوري والروسي والإيراني ليعود الطيران الروسي إلى عملياته الواسعة ضد الجماعات الإرهابية بالتنسيق مع كل الذين يحاربون الإرهاب في سورية من محور المقاومة، وتقدمت عمليات الميدان على عمليات السياسة بعد التأكد من أن واشنطن تريد بالسياسة الأمر نفسه الذي تريد تحقيقه عبر جماعاتها الإرهابية. التراجع التركي أمام موسكو يجب أن يعني أشياء كثيرة ومنها أن تركيا ستقبل بكل خطوات روسيا في سورية من جهة محاربة الإرهاب ولن تجرؤ على تكرار حادثة مماثلة لإسقاط الطائرة الروسية، وهذا يعني أن روسيا تريد انسحاباً تركياً من اللعبة الأميركية، ويبدو أن أردوغان يتمنى الانسحاب من سورية لكنه يبحث عن الموافقة الأميركية .. وهو يعرف أن المعركة في حلب صارت بين روسيا وأميركا ..بدليل سعي الأميركيين إلى تحييد «أحرار الشام والنصرة» التنظيميين الارهابيين من الضربات الروسية، ومحاولاتهم إحلال جماعتهم الإرهابية التي يسمونها «معتدلة» في أي مكان يمكن أن تُهزم فيه داعش في سورية. مع أن الولايات المتحدة الأميركية حاولت استباق الهجوم السوري المرتقب فأدخلت قوات حليفة لها إلى «البوكمال» في دير الزور بحجة محاربة داعش ولكن الحقيقة كانت لمؤازرة داعش وتسليمها أسلحة وقد روج الإعلام الغربي إلى أن ظلاميي داعش استطاعوا الاستيلاء على أسلحة أميركية كانت بحوزة ما يسمى بـ «جيش سورية الجديد». ومعروف ما هي هذه الميليشيا العميلة لبريطانيا وأميركا وإسرائيل، والتي تم تشكيلها في أيار 2015 من الجماعات الإرهابية كافة، وهي التي أريد لها أن تحل مكان داعش في شرق سورية وإلى حين أن تكتمل التمثيلية سنرى أن داعش قد انضمت إليها لتغير جلدها، ولتقول واشنطن أنها هزمت داعش. وسيصبح لدينا بدلاً من داعش واحدة داعشان، الأولى هي ما يسمى «جيش سورية الجديد» الذي أجريت له عمليات التجميل والرتوش لإعفائه من الجرائم الإرهابية التي تثقل كاهله، والثانية داعش التي ستصبح جماعات وخلايا نائمة تقوم بالتفجيرات في دول الغرب والغاية فرط عقد الاتحاد الأوروبي والتحكم بالأسواق الأوروبية ، والعناصر الإرهابية فيه مثل النهر القذر الجاري قد يجند فيها شبان جدد من جميع أنحاء العالم تحت راية داعش. العمليات العسكرية السورية مع الحلفاء ستتصاعد تدريجيا بشكل أكثر تحضيراً وتنسيقاً لتشهد ذروتها في حلب ودير الزور مع بدء الانتخابات الأميركية، والتطورات الميدانية في سورية خلال الأشهر المقبلة ستتبلور مع المعارك في شمال وشرق سورية، والقرار اتخذ من دمشق وحلفائها بإعادة أرياف حلب ودير الزور والرقّة إلى السيادة السوريّة دفعة واحدة. |
|