|
بقلم: مانليو دينوتشي وقد نوه الأمين العام للحلف يان شتولتينبرغ أن «الشعب البريطاني قرر ترك الاتحاد الأوروبي» مؤكداً أن «المملكة المتحدة سوف تستمر في لعب دورها القيادي في الناتو» مشيراً كذلك إلى أنه وأمام عدم الاستقرار والشكوك المتزايدة فإن «الناتو بات أكثر أهمية من أي وقت سابق بصفته الأساس للتعاون بين الحلفاء الأوروبيين وبين أوروبا وأمريكا الشمالية .» وفي حين أصاب التصدع الاتحاد الأوروبي وبدأ يفقد أجزاء منه بسبب تمرد قطاعات شعبية واسعة تدهورت أوضاعها من جراء السياسات « المشتركة » ونتيجة المنافسات الداخلية الخاصة, طرح حلف شمال الأطلسي بشكل أكثر وضوحاً من ذي قبل نفسه كأساس للوحدة بين الدول الأوروبية . تلك الدول التي وجدت نفسها بتلك الطريقة مرتبطة وأكثر تبعية للولايات المتحدة , والتي بدورها عززت من زعامتها ضمن هذا التحالف . وكان قد تم التحضير لعقد قمة الناتو لرؤساء الدول والحكومات التي عقدت اجتماعاتها في 8 - 9 الشهر المنصرم في العاصمة البولونية صوفيا في لقاء عقد في ( 13 - 14 حزيران) جمع وزراء الدفاع الموسع ليضم أوكرانيا والتي لم تنضم بعد بشكل رسمي إلى حلف الأطلسي . وفي اللقاء قرروا زيادة (الانتشار المتقدم ) للناتو في أوروبا الشرقية على تخوم روسيا من خلال نشر أربع وحدات متعددة الجنسيات بالتناوب في دول بحر البلطيق وفي بولونيا . وطبعاً في الإمكان تعزيز هذا الانتشار بسرعة , وهذا ما كشفت عنه المناورة التي أطلقوا عليها « ذروة القوة » حيث تم خلالها نقل الآلاف من الجنود و400 مركبة عسكرية إلى إسبانيا وبولونيا خلال أربعة أيام . ومن أجل نفس الغاية قرروا زيادة التواجد البحري للناتو في البلطيق وفي البحر الأسود على تخوم المياه الإقليمية الروسية . وفي الاجتماع ذاته , التزم وزراء الدفاع بزيادة الإنفاق العسكري للناتو بمقدار ثلاثة مليارات دولار للعام الجاري ( حيث تصل ميزانية الدفاع فيه فقط إلى أكثر من ميزانية نصف دول العالم مجتمعة ) وإلى الاستمرار في العمل بهذه الزيادة خلال الأعوام المقبلة . وتلك هي الأولويات التي حضت عليها قمة صوفيا, والتي بدورها تتفرع إلى ثلاث غايات اساسية هي : « تعزيز مفهوم الردع » ( أي القوى النووية للناتو في أوروبا ) « التخطيط لاستقرار الحلف إلى خارج حدوده » أي ( نشر قوات عسكرية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا , بما فيها خارج الحدود الأفغانية) « توسيع التعاون مع الاتحاد الأوروبي » أي ( ضم العديد من القوات الأوروبية إلى حلف الناتو بالزعامة الأميركية له ) إن الأزمة التي انبثقت عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من شأنها تسهيل مشروع واشنطن المستند إلى أساس : السير به إلى مستوى أعلى عبر خلق كتل عسكرية , سياسية واقتصادية (من خلال معاهدة TTIP ) بين الولايات المتحدة وأوروبا بقيادة أميركية على الدوام , في مواجهة المنطقة الأوروآسيوية المتصاعدة, والمستندة على الحلف الروسي - الصيني . وضمن هذا السياق جاء تأكيد رئيس الوزراء الإيطالي رينزي في منتدى سانت بطرسبورغ « صارت كلمة الحرب الباردة خارج السياق التاريخي وبعيدة عن حقيقة أن الاتحاد الأوروبي وروسيا سوف يصبحان جارين ممتازين » هو أمر مأساوي . لقد خسرت إيطاليا بسبب إلغاء خط غاز السيل الجنوبي بين روسيا وإيطاليا والعقوبات المفروضة ضد روسيا بأمر أميركي مليارات اليورو . ولا يمكن للعقود الموقعة في سان بطرسبورغ أن تقفز في أي لحظة فوق حقل الألغام من جراء زيادة عداء الناتو تجاه روسيا . هذا العداء الذي ساهمت فيه حكومة رينزي , والتي بإعلانها أن الحرب الباردة أصبحت بعيدة عن الواقع ساهمت في نشر قنابل نووية أميركية حديثة فوق الأراضي الإيطالية من أجل الهجوم على روسيا . |
|