تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بانتظـار الأمـن والأمـان

مجـتمع
الأربعاء 6-7-2016
فاطمة حسين

هاهي الأيام تلوح بالوداع للقاء آخر إن بقينا أحياء في العام التالي ..ففي الحي الذي نسكنه اعتدنا أن نعيش ضمن أجواء رمضانية و اجتماعية لا تخلو من بعض العادات التي نحبها فمع صوت السيدة أم كلثوم الذي يصدح عاليا ب(أنت عمري )

تعيد ذاكرتنا إلى أيام خوالٍ من السعادة عشناها سابقا , ليال تمر من عمرنا في حرب تعايشنا معها حتى أصبحت جزءا من حياتنا .. يومياتنا .. تتقاطع وبشكل يومي مع أصوات القذائف وهي تسقط على رؤوس الإرهابيين في تلك المنطقة التي نتجاور معها ..طائرات لا تهدأ ..وقصف متبادل مع تلك الجماعات الإرهابية المدعومة من الخارج ولولا هذا الدعم لكانت عادت هذه المنطقة إلى دائرة الدولة منذ السنوات الأولى للحرب ..‏

وفي أجواء أيامنا التي تكبر أكثر مع بطولات الجيش المتتالية التي يحققها ضد الإرهاب العالمي المتوحش ..الذي قلب حياتنا رأسا على عقب , والذي هو سبب الألم والوجع الذي نعيشه منذ أكثر من خمسة أعوام وقد حمل عناوين كثيرة رافقت المواطن السوري منذ الأيام الأولى للحرب من تهجير وتشريد , قتل وتدمير، نلمسها يوميا ونسمع قصصها مرارا وتكرارا ولاسيما في المناطق الآمنة على ارض الواقع نتيجة لمؤامرة دولية تحاك بطريقة منهجية والهدف إفراغ سورية من مكوناتها البشرية بغية تحويلها إلى مناطق تتبع لهم يديرونها وفق مصالحهم الاستعمارية...‏

مؤامرة متشابكة الخيوط هناك من يمسك بأطرافها في الداخل السوري تحت مسمى تجارة البشر التي هي أحد وجوه الحرب بكل شناعتها وقبحها وذلك عبر ترحيل الأبناء أولا ومن ثم مرحلة ما يسمى (لم شمل الأسرة) لاحقا , اسر وعائلات حملت حملها وتركت كل شيء وراءها ومنهم من باع البيت الذي يسكنه كل ذلك من اجل تامين مبلغ لترك سورية إلى بلد آخر والأكثرية يشد رحاله إلى ألمانيا البلد التي استقبلت عشرات الآلاف من الأسر السورية ..لا ندري السبب لتلك الوجهة التي تجذب اغلب السوريين ..؟ أهو المال ؟أم البحث عن مساحة أمل وطمأنينة ..؟ والبحث عن فرصة عمل التي كانت بمثابة الطعم الذي جذب كل السوريين في تلك البلاد البعيدة ...‏

لا نعلم .. ربما كانت تلك الأسباب مجتمعة .. ولكن الذي لمسناه ونلمسه هو فراغ البيوت من أصحابها رغم إنها في دائرة الأمان .. وأصحابها على الأغلب لديهم وظائف والبعض أطباء وصيادلة ومن كل المهن التي تخطر على البال ..فكانت أسرة هذه السيدة هي إحدى هذه الأسر التي كانت تتمتع بالاستقرار من بيت ،عمل ، برفقة بنيتها الاثنتين اللتين تدرسان في الثانوية , حيث انتقلت إليها عدوى السفر التي امتدت في تلك المنطقة كالنار في الهشيم وفي لحظة قرر بيع البيت الذي يسكنه لتأمين المبلغ المترتب عليه من أجل تحقيق حلمه بالسفر وبذلك فقدوا جزءا من الاستقرار الذي كانوا فيه ليقوموا باستئجار منزل بمبلغ 400000 ل.س ولولا قيام زوجها بتحويل مبالغ مالية لها لكانت الأحوال بالويل ولاسيما إننا نعيش وسط غلاء فاحش ..‏

فلا الرحمة التي من المفترض وجودها خلال العشر الأولى من هذا الشهر الكريم والتي أصبحت من المنسيات و نبحث عنها كما نفتش عن إبرة في كومة قش ولاسيما عند المستغلين من التجار وقد ذهبت الرحمة من قلوبهم وأصبح هدفهم هو جمع الأموال فقط بعيدا عن الإحساس بمشاعر أخوانه في الوطن حيث يقاسي المواطن السوري الأمرين ...في سبيل العيش بكرامة ..‏

ولا الغفران والمسامحة وجدت بين الناس فكيف سيعتقون من النار وهم في غياهب الاستغلال والاحتكار يعمهون ...؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية