تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شعر.. نسرين كوسا: سورية سرير مزنر بالشوق والحنين

ثقافة
الأربعاء 6-7-2016
دائرة الثقافة

يبدو المشهد الشعري السوري اكثر اقترابا من البوح الانثوي الصاعد من تخوم الحياة واملها, من حلوها ومرها، من الانكسارات والخيبات الى الصعود قدما الى معارج الحرف يحمل في طياته ونبضه القا روحيا ربما يعمل على سد الفراغ الذي جعلنا نشعر وكأننا في عالم من الصحارى ولو لحين من الوقت ,

ولكن ذلك ليس صحيحا اطلاقا , فإن الحبر السوري المغمس بشكل او اخر بحياتنا ونبضنا وألقنا يجعلنا نقف على تخوم الدهشة فيما نقرأ ونتابع من نصوص ابداعية قد نختلف حولها او نتفق لكنها تحمل في سراديب وعبق بوحها الكثير كما اسلفنا.‏

المشهد الشعري السوري اصابه منذ خمس سنوات ونيف الكثير من التحولات واستطاع ان يكسر رتما محددا لم يكن ليجرؤ احد عليه ولكن الواقع الذي جعل من كل شيء غير مألوف كسر هذا الرتم واستطاع ان يمضي بالتحولات التي فرضتها شاعرات ومبدعات سوريات استطعن ان يتركن بصمة حقيقية , قد لا تكون اتسعت كما غيرها لكنها حقيقة بصمة موجودة في المشهد الابداعي السوري.‏

ومن هؤلاء الشاعرات نسرين كوسا بنت الحسكة والخابور وحقول القمح والسورية الطالعة من اعماق الجرح الممتد لمساحات الوطن , وتعرف كيف تنسج من زغب القمح نصا يضج بالمعاني والدلالات التي تحمل في سرها تراب الوطن وبوحه وتخلد الامال وتبلسم الجراح لعل القادم دائما انقى واجمل واكثر رونقا:‏

كم جميل ...! لو ظلت الأشرعة‏

تهدي السفن لخيوط المنارات ...‏

بعيداً عن مشقة انكسارات ولطم الموجات ...‏

كم جميل ..! لو يخاصر البحر سفينة بلا شراع ..‏

يراقصها ..يتأبط حزنها ..يسير بها ...‏

يُشعرها أن السماء فوقها ..لا تزال‏

تحمل نجوماً و نوارس َ...‏

بخطوات بطيئة ..وبهجة دون اعوجاج ..يوصلها‏

لشاطئ مزين بسرير من الخجل والحنين ...‏

كم جميل ...! لو أن‏

الشوق طائر أليف ينتظرنا ...‏

لنطير معا نحو الخلود ..ولنترك الأرض طاعنة‏

في الغياب ...‏

فلسنا نحتاجها ..طالما الفضاء ممتلئ بنا‏

انه الغياب الذي يؤرقنا فثمة غياب اقوى من الحضور والكثيرون قد يكونون حضورا ولكنهم غائبون قولا وفعلا , فالحضور الفاعل الاسر القادر على العطاء , هو نحن حين نكون ابناء الحياة ونعرف كيف نقبض على الجمر والجرح ونبلسم كل شيء فما من جرح اقسى من جرح الوطن , لانه جرحنا جميعا والاعياد ستكون حين نعرف ان خارطة العيد تحمل معنا والينا والى الغد مواسم الخوخ والمشمش والدراق وتحمل قلوبا من ارضنا لاتعرف الا العطاء:‏

شعر بشيء غريب ....!‏

شيء ما يمر بي‏

بذاكرتي ...‏

أشعلتَ الفتيل في مخيلتي ...‏

أضأت ألوان لحافي ..وسادتي ..وجهي ...‏

جعلت الجدران غابات ألوان ...خرائط حياة ...‏

مررتَ أصابعك على خديّ.....‏

في الضوء ..ألا تدري ..؟!!‏

أتناثر ...أتبعثر بين كفيك ...‏

آيات غزل ترتلها ...‏

تسابيح غرام على شَعري تغنيها ...!!‏

و لكأنك الشمس في غرفتي ...‏

أطفأت الكون وأنارتني !!!‏

ولظني كنت أنت ...في عيني اكتملت ...‏

أشعر بشيء غريب ...أشعر بشيء ..أشعر بك ..‏

أشعر بالحب ......!!!‏

انه الوطن والانسان انه السوري الذي زرع الحب في كل بيادر العالم , وزرع النور وسيبقى يفعل ذلك لايهمه من يحمل سيفا محاولا تحطيم الحضارة,لاننا كسوريين نعيد رسم الخارطة ونعرف كيف نبدع مع كل عيد حرفا ووطنا وقدرة على البذل والعطاء , مشهدنا اليوم ام وطفل وشيخ وجندي وكل الخريطة السورية معمدة بنا بالحياة بالدم والالق, هي سورية عصفور العالم وقلبه يمر عليها العيد حزينا , لكنها ستمنحه من دمها معنى ووجودا:‏

لا تَمْتَحِني بثوبٍ مُزركشٍ ...لستُ أرى عيداً ...!!‏

تفشلُ السعادة ..يفشلُ السكرُ ...يتساقطان من شفتيّ..‏

كعصفور ... قُتِلَ تَوّاً بصوتِ عويلِ مقصلة وبندقية.‏

نسرين كوسا تنسج نصا من عبق الخابور يحمل النكهة السورية ويرسم حقلا يصب في جدول حقول الابداع السوري وما اكثره , سيكون لهذا الحقل السوري في مسيرة وتحولات الابداع العالمي بصمة هي لكل السوريين , وليست اي بصمة انها من لون مختلف لانها بصمة القلب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية