تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فارس لفارس .. و فرنسا لفخري البارودي !

أوراق برلمانية
الأربعاء 11/4/2007
شمس الدين العجلاني

(إني ادعوكم إلى المبارزة بالسلاح الذي ترغبونه.. وإذا رفضت المبارزة ولم تجبني على كتابي بالاعتذار ونشره في الصحف فاني أعدك جبانا ..).

بهذه الكلمات تحدى نائب دمشق, وعضو الكتلة الوطنية محمد فخري بن محمود البارودي النائب العام الفرنسي في دمشق, مما أدى إلى تخبط أركان الانتداب الفرنسي و لم يعرفوا سبيل الخروج من هذا التحدي الذي جاء من نائب دمشق..?‏

ففي عام 1937 اشتدت الاضطرابات في سورية عامه, وفي دمشق خاصة. وقامت قيامة الانتداب الفرنسي وطاشت عقول الموظفين الفرنسيين. وخرجت نساء دمشق بمظاهرات انطلقت من مسجد الاقصاب واتجهت إلى دار البلدية في المرجة, ثم تحولت إلى مبنى الحكومة, وهتفت المتظاهرات ضد الانتداب داعين إلى الثورة والاستقلال.. فتصدى لهن رجال الشرطة وتمكنوا من إلقاء القبض على 11 سيدة, سجنتهن في دائرة الشرطة وقدمتهن في اليوم الثاني إلى المحكمة برئاسة المسيو ليغ وعضوية السيدين قسطنطين منسى والمسيو انورة, وممثل النيابة العامة المسيو موغان, وقد تطوع للدفاع عنهن المحاميان الدكتور منير العجلاني والدكتور سيف الدين المأمون, وبعد استجواب المسجونات المتهمات, جاء دور الادعاء العام, وقف المسيو موغان النائب العام الفرنسي بدمشق, وهاجم نساء دمشق المتظاهرات هجوما شديدا كما تهكم على رجال دمشق قائلا: من المؤسف أن نرى هؤلاء الناس يرسلون بناتهم ونساءهم للتظاهر في الطرقات والإخلال بالأمن. إن هذا ضرب من النذالة والجبن .. واعترض كل من العجلاني والمأمون على كلام المسيو موغان.. ووصل كلام المسيو موغان الى مسامع نائب دمشق فخري البارودي وكان يلقب بزعيم الشباب, واحتد وانفعل وسطر إلى النائب العام الفرنسي كتابا أرسله مع شاهدين من الشباب هما الدكتور منير العجلاني و أديب الصفدي بصفتهما شهود تبليغ كتاب المبارزة. وجاء في الكتاب:‏

(إلى المسيو موغان مدعي عام المحكمة الاستثنائية في دمشق:‏

بما أنني نائب سورية, وواجبي الدفاع عنها في داخل المجلس النيابي وخارجة, وبما أنكم أهنتم العرب الذين لا ينامون على الضيم, وهم منذ عرف التاريخ, نساؤهم يساعدن الرجال في جميع مرافق الحياة, خصوصا في الحروب, والمرأة العربية لم تكن تكتفي بتضميد الجراح, والقيام على سقاية المحاربين وإطعامهم وتقديم السلاح والعتاد لهم, بل كن يحاربن معهم جنبا إلى جنب, ودخول العرب بلاد الشام من أسباب صمود نساء العرب في تلك الحرب التي قامت بينهم وبين الرومان في موقعة اليرموك, ولولا نساء العرب في تلك الموقعة لبقي الرومان إلى اليوم في بلاد الشام.‏

والنساء اللواتي يشاركن رجالهن في الحروب يوجد منهن في جميع الأمم, وهذه فرنسا ما زالت تفخر بجان دارك التي أنهت حرب المائة سنه وخلصت بلادها من الأعداء. وهذي جاة هاشيت التي خلصت بلدها من أعدائها, وهؤلاء نساء باريز عام 1870 اللاتي خلصن باريز من الالمان ببيع حليهن لفكها من الجزية التي ضربت عليها, كل هذا صار ولم يقل احد أن رجال فرنسا أنذال لان نساءهم دافعن عن بلادهن.‏

وإنني قد أتيت بهذا الكتاب طالبا منكم سحب كلمتكم التي أهنتم بها السوريين على صفحات الجرائد, والاعتذار لهم عن الإهانة التي وجهتموها إلى شعبي الكريم.. والا فإنني ادعوكم إلى المبارزة بالسلاح الذي ترغبونه, وشهودي على المبارزة هما الأمير خالد الجزائري وحسين بك الابيش, وإنني بانتظار الجواب, وإذا رفضت المبارزة ولم تجبني على كتابي بالاعتذار ونشرة في الصحف فإنني أعدك جبانا, والسلام على من اتبع الهدى).‏

وانتشر الخبر في دمشق, وقامت قيامة الفرنسيين, واجتمع كبار رجال السلطة والقادة والقضاة, وتشاوروا فيما هم فاعلون.. ? وجميع الاحتمالات المحتمل وقوعها من هذه المبارزة إن تمت أو لم تتم, ويقول فخري البارودي عن هذه المداولات (قرر الجميع أن هذا الطلب (المبارزة) هو عمل جنوني قام به شاب لا يعرف معنى الحياة. وقال بعضهم: إذا قتل المدعي العام فويل لفرنسا من العار, وإذا قتل هذا المجنون (يعني أنا) فويل لها أيضا مما يقع في البلاد من الاضطرابات. وبعد تداول الرأي قر القرار على أن يعتذر المدعي العام بكلمة نشرتها الجرائد..). ويتابع فخري البارودي قائلا: وبهذا الاعتذار كفى الله المؤمنين القتال, وكفاني مبارزة هذا الرجل الأحمق. والى اليوم ورجال دمشق يتنذرون بهذه الحادثة التي كتب عنها صاحب جريدة (البيان) في نيويورك كلمة قال فيها, بعد أن ذكر قصة المبارزة, قال: فارس لفارس, اثنان لفارس, عشرة لفارس, ألف لفارس, فرنسا لفخري البارودي).‏

alajlani@scs-net.org‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية