|
شؤون سياسية معاهدات مع بعض الدول الإفريقية, ولعلها ذكرت بما فعلته عندما أرسلت طائراتها الميراج المقاتلة إلى كل من جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد اللتين تربطهما بها اتفاقيات دفاع مشتركة للقضاء على من تسميهم بالإرهابيين لأنه بهذا التذكير تريد باريس بلوغ مطامحها من جديد في القارة الإفريقية, ولعل الأفارقة وحدهم يعرفون أوعلى دراية بما جنوه من تلك القمة مع فرنسا التي رفعت أكثر من شعار إفريقيا والتوازن في العالم, الموارد الأولية الإفريقية وما تشكله من منافسة شرسة وكيفية حمايتها ودور القارة الإفريقية في العالم وفي عصر المعلوماتية وانعكاس ذلك على المجتمعات الإفريقية إضافة إلى الأزمات الإفريقية التي جعلت فرنسا حيالها أشبه ما تكون بالشرطي, وحده ما يجري على أرض الواقع في العديد من المناطق الإفريقية منذ قرون وإلى اليوم يكشف حقيقة الدور الاستعماري الأوروبي لها على مر العقود وامتداد هذه الأطماع تحت وجوه أخرى إلى اليوم وباتجاه المستقبل للمزيد من السيطرة على مقدرات وثروات هذه القارة التي حرمت على مر العصور من أبسط أنواع التعامل الإنساني والأخلاقي لشعوبها وحضارتها على أيدي مستعمرين وطغاة تجردوا من كل شيء سوى المزيد من سرقة واستباحة الغير دون أي وازع أو رادع أخلاقي وإنساني وحضاري, وكم تعرض الدور الفرنسي في إفريقيا بالذات لانتقادات قوية وعاصفة من أوساط فرنسية عدة ولاسيما حيال الأحداث التي شهدتها دول إفريقيا الغربية والوسطى حيث الحضور الفرنسي المميز فيها ما ولد العديد من الأزمات في تلك الدول على غرار ما حدث في إفريقيا الوسطى والكونغو(زائير سابقاً حتى إن قوى المجتمع المدني في العديد من الدول الإفريقية وفي الساحة الفرنسية أيضاً سارعت لإدانة هذا الدور الفرنسي ولاسيما الدور الداعم لبعض الأنظمة الموصوفة بالاستبدادية في إفريقيا, كما أن قمة كان الفرنسية الإفريقية عكست أيضاً أن إفريقيا تزداد معاناتها اليوم من تزايد حلبة الصراع عليها ليس فقط بين القوى الغربية العظمى بل مع دخول قوى آسيوية أخرى على هذه الحلبة بعد أن كسرت جدار إفريقيا لتكون حكراً لها وبعيدة عن أي منافسة دولية مع غيرها, وهذا بالطبع ما أخر كثيراً ليس المصالح الفرنسية في إفريقيا فحسب بل والمصالح الغربية فقد ولى زمن كانت فيه المجموعات الفرنسية هي المسيطرة بقوة على إفريقيا الفرنكفونية خلال الحرب الباردة وسيطرت على ما يزيد على نصف أسواق الغابون وساحل العاج والكاميرون والسنغال, حيث كانت الغابون على سبيل المثال ولا تزال إلى اليوم تشكل نصف الاحتياطي النفطي الذي حققته شركة (ألف اكتان) الفرنسية أي ما يعادل 813 ألف برميل يومياً أي ما يشكل نسبة ثلاثين بالمئة من مجمل إنتاجها العالمي, ولعل سحر هذه القارة السمراء وكنوزها وخيراتها الدفينة هي التي دفعت أيضاً بالصين للدخول على خط المنافسة مع الغرب والنجاح الذي سجلته مؤخراً من خلال العقود الكبيرة التي أبرمتها مع أكثر من دولة إفريقية يعكس ذلك(مع انغولا والكونغو برازافيل) وهي عقود غير خاضعة لأي شروط سياسية, أما الحضور الأميركي في القارة السمراء فهو الآخر سجل حضوراً ملفتاً للنظر على حساب الحضور الفرنسي لتأمين المزيد من الحصة النفطية الإفريقية وتجلى ذلك كما هو واضح إلى اليوم في تشاد وفي الدول الإفريقية المنتجة حديثاً للنفط كما في غينيا الاستوائية وقياساً مع تزايد هذا النفوذ الأميركي والصيني في إفريقيا فقد سجل الحضور الفرنسي فيها تراجعاً ملموساً وبدا ذلك من خلال ما تعانيه حالياً شركة توتال النفطية الفرنسية من حصار لدورها التنافسي أمام الشركات الأخرى بعدما كانت لزمن قريب هي الشركة الأولى بدون منازع للإنتاج والتوزيع والتشغيل في القارة السمراء. إن الأحداث والوقائع التي تعصف بالقارة الإفريقية والأزمات ما هي إلا نتيجة لعلاقة بين قوى استعمارية قديمة جديدة وتنافسها فيما بينها للانقضاض على مقدرات وثروات هذه القارة التي دفعت ثمناً غالياً نتيجة لتلك السياسة الاستعمارية وما زالت تدفعها إلى اليوم بسبب مطامع ومآرب المستعمرين فيها وها هي تلك القوى الاستعمارية تبحث عن المزيد من مواطئ القدم لها كي تغرز فيها أنيابها وما من قضية أو نزاع على امتداد هذه القارة إلا وتجد أطرافها الرئيسية قوى دولية طامعة ولعل ما يتعرض له السودان اليوم مكن من مخطط إجرامي هو بحد ذاته خير دليل على شراهة القوى الغربية واستماتتها في إعادة سيطرتها على دول القارة الإفريقية. |
|