|
اقتصاد الأسرة التي تضطر لتنظيمها والتقيد بها قسراً, أمام وقائع الدخل الصعبة والقاسية من قلتها وشحّها, فلا بدّ من حالة عالية من التفاهم على المجابهة . كي لاتصل الأسرة إلى الدخول في متاهات ٍ مالية, تورطها بأيام لاتجد بين يديها ماتقتات به. ودور المرأة هنا كبير, وهي تماماً الجناح الثاني إلى جانب الرجل, على الرغم من أن مستوى الدخل المتدني, لدى شرائح كثيرة في المجتمع السوري لايسمح بالكثير من الهوامش لضبط المصروف, والتعاطي معه بشكلٍ يضمن الاكتفاء ,لأن هذا الإكتفاء- عند تلك الشرائح- غير موجود أصلاً. المنّظرون يؤكدون على وضع جدول شهري لمعرفة أين تُصرف الأموال العائلية, ومراقبة البنود التي يزداد فيها المصروف من أجل فرملتها, ويقترحون في سبيل ذلك ترقيم البنود حسب الأولوية, سواءكان بند مصروف الأولاد, أم الكهرباء, أم الماء ,أم الطعام , أم بند سداد الديون, أو السفر في إجازة, وإلى ما هنالك من البنود الأخرى. ويعوّل المنظرون كثيراً على الزوجة , في استخدام خبرتها وحسّها في ترتيب أولويات البنود, غير أنهم يشيرون إلى ضرورة أن يكون هذا الترتيب بحضور الزوج- إن كان هناك زوجاً- حتى يتحملا مسؤولية النتائج معاً, وإلا أصبح أحدهما هو المسؤول عن هذه الأولوية, فيما يقوم الآخر بالتملص, ولاسيما في حالة الخطأ بترتيب الأولويات, سواء وقع الخطأ أم لم يقع, فإن المتملص لايتقيد, ويبدأ بالصرف يميناً وشمالاً كيفما يشاء. ويسوق المنظرون مثالاً على هذه الحالة بأن العديد من الأسر يتفاجأ الزوجان, أو لنقل الأخوان أو الأختان , بقدومهما إلى البيت , وقد اصطحبا معهما سلعاً متطابقة, في الوقت الذي يكونان فيها بحاجةٍ إلى سلعٍ أخرى, الأمر الذي يحرمهم بعد حين من السلع الضرورية, وجعلهم أمام واقعٍ من الهدر , وتعرض السلع المضاعفة إلى التلف- إن كانت تتلف- وإلى عدم الحاجة إن كانت سلعاً غير حيوية. > ضبط الموازنة قبل الشروع بالحديث عما استخلصه المنظرون والمختصون في ميدان ضبط موازنة الأسرة, فدعوني أعلنها منذ الآن , إنني وضعت نفسي في ورطةٍ حقيقية, فيما لو أطلعتْ زوجتي العزيزة على هذه المقالة الصحفية, وهي - على الأرجح- سوف تطّلع عليها , لأنها تتابع هذه الصفحة أسبوعياً, وأشك بأن هذه المتابعة ناجمة عن إعجابها, بمقدار ما هي ناجمة عن ضبطي متلبساً بالحديث عن قضايا لا أقوم بتنفيذها على أرض الواقع , ومنها هذا الذي قلته الآن, حيث أتيت إلى المنزل في أيام كثيرة وأكون قد اشتريت ما اشتريته من السوق لأتفاجأ بأنها هي أيضاً قد اشترت أشياء متطابقة, وعندها تحبني كثيراً, وتبدأ تكيل لي عبارات المديح, فألعن الساعة التي سوّلت لي نفسي بالشراء, ومعها حق فعلاً, لأنها طلبت مني كثيراً أن نجد طريقة واضحة نلتزم بها في مصروف البيت, لكني مازلت أجهل أهمية هذا الأمر, أو أتجاهله, وكثيراً ما أدفع ضريبة ذلك غالياً بالفعل, فينتهي المصروف قبل أن ينتهي الشهر, لنقع في ضائقة لانحسد عليها. على كل حال .. عند الاتفاق على طريقة الصرف, والذهاب إلى السوق تحت هذا الغطاء, تبرز هنا أهمية ترتيب الأولويات, بمستويات محددة حسب الأهم فالمهم فالأقل أهمية. ويشير الخبراء إلى أن هناك ثلاثة مستويات لأولويات الانفاق من موازنة الأسرة: المستوى الأول: هناك ضروريات ملحة لايمكن الاستغناء عنها. المستوى الثاني: هناك احتياجات قليلة الضرورة ,ولكنها يمكن أن تعطي للحياة, بعضاً من الأريحية والسلاسة. المستوى الثالث: هناك قضايا لا ضرورة لها من حيث استمرار الحياة وهي بمثابة تحسينات , تُعبّد الطريق للمرور إلى الرفاهية. ويلفت المختصون الانتباه إلى أن هذه الأولويات ذاتها تختلف من وقتٍ إلى آخر, ومن مكان إلى آخر, وكذلك من أسرة إلى أخرى وذلك حسب ظروف هذه الأسرة أو تلك, ودون النظر أو التقليد لغيرها من الأسر. وعندما تشعر الأسرة بكثرة المصروفات المنزلية وعدم انضباطها , لابد من وضع دفتر شهري لمعرفة أين تصرف الأموال العائلية. ويترافق ذلك مع وضع نظام لعمليات الانفاق, ويتألف من ستة اتجاهات > الاتجاه الأول: لا.. للشراء السفهي والمقصود بذلك أن كل ماتشتريه السيدة تحت وهم الاعجاب سوف تدرك بعد حين أنه يمكن الاستغناء عنه ولسوف تتمنى لو أنها لم تشتره أبداً, لأنه من الكماليات, والابتعاد عنها سوف يوفر السيولة الكامنة لاستثمارها في مشتريات رشيدة تضيف للحياة قيمة. >الاتجاه الثاني: الأكل في الداخل على أفراد الأسرة أن يدركوا جيداً بأن كل من يأكل خارج بيته أكثر من مرة في الأسبوع, فإنه يعتبر مبذراً. >الاتجاه الثالث: يوم واحد للشراء يقترح العديد من الخبراء تحديد يوم واحد في الأسبوع للتسوق, لأن زيارة السوق يومياً تزيد من نسبة الشراء, والزيادة المتكررة تؤدي إلى مشتريات متكررة, وهنا تبرز أهمية كتابة قائمة الاحتياجات قبل الذهاب للسوق, ومعرفة مواعيد الأوكازيون, والحرص على الاستفادة منها بشراء المتطلبات, ومن المفيد القيام بحصر محلات الجملة, أو تلك التي تبيع بأسعار الجملة ,والتعامل معها لأنها الأرخص سعراً. >الاتجاه الرابع: التأجيل أي عندما تزداد الرغبة في شراء الكماليات, وهذا أمر وارد, الأفضل أن تقوم السيدة بتأجيل الشراء إلى أسبوع قادم, وبعد أسبوع يؤجل الشراء أيضاً إلى أسبوع يليه, ووقتها سوف يتم الاكتشاف بأن قطار الحياة يسير رغم عدم الشراء, ما يؤكد أن لاداعي للانصياع إلى تلك الرغبة. >الاتجاه الخامس: وجبة تكفي ليومين هنا يمكن للسيدة أن تُجرّب عند انتاج وجبة الغداء زيادة كميتها إلى مرة ونصف, ليبقى الفائض إلى يوم الغد, وهذا أمر يوفر كثيراً في الميزانية. >الاتجاه السادس: احذروا الديون تشير الدراسات إلى أن الاستدانة شرك عظيم ومخادع وأمراض الشراء وحدها هي التي تجر إليه, والدين هم في الليل, وذلّ في النهار, والكثير من المشكلات الزوجية كان سببها ثقل الديون. أخيراً: تلك هي وقائع الأمور... وما علينا سوى الاختيار إما التكيف مع الموازنة , أو الوقوع في عجز بها يعرضنا إلى أخطاء لاتحمد عقباها. |
|