تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تراثنا الشعبي..أكثـــر من المتحف

رؤيـــــــة
الخميس 2-7-2009م
ماهر عزام

هناك حيث تجلس الشخصيات الحكائية وتغزل أقاصيصها الثرة..

هناك عندما تمتد نغمة يا (ليل..يا ...ليـــــــــل!) إلى أقاصي الدنيا..‏

هناك إذ تطرّز الجدات ذكرياتهن عن حب قديم على الثياب..‏

هناك ..وهنا.. يكون التراث الشعبي كأنه روح الأشياء وبصمة الأمكنة على الذاكرة، حيث يتشرب الماضي في شرايين الحاضر دون استئذان..ومع ذلك هناك من يقاوم قوة الماضي في الحياة، وكأنه شبح.‏

المتتبع لمسار الحداثة وما بعدها يتأكد بأن التنكر للماضي وإجراء القطيعة معه جلب فيما جلب لأوروبا مثلاً حربين عالميتين.‏

من هنا ...تنبع أهمية جمع التراث والموروث الشعبي بكل مكوناته، لا كشيء في طريقه إلى المتحف، بل كمكون من مكونات الشخصية.. ولأن هكذا مشروع يخص الأمة يصعب أن يقوم به أفراد، كان مشروع جمع وحفظ التراث الشعبي أحد منتجات وزارة الثقافة، ومن هنا تأتي أهمية مهرجان إدلب للثقافة الشعبية، هذا المهرجان الذي باستمراره يعطي دفعاً للمحافظات الأخرى أن تنجز مهرجاناتها المحلية..‏

قبل أيام التقيت رحالة من بلجيكا يجوبون مدننا وقرانا يجمعون أغاني الأمهات للأطفال الرضع، يوثقون كل تفصيل..اسم المرأة وشكل لباسها واسم ابنها أو ابنتها ..يسجلون الأغنية صوتياً..‏

وهنا أتذكر وأتساءل عن مشروع حفظ التراث الموسيقي الذي كان أحد توجهات المعهد العالي للموسيقا بدمشق قبل سنوات..هل ذهب مع عميده السابق الدكتور نبيل اللو.. ثم هل هكذا مشروع يخص أفراد؟‏

الوقت في هذا الزمن يلتهم الماضي بكل مكوناته.. ثم ألم يقل مدير عام اليونسكو بأن موت رجل عجوز في القبائل الافريقية يعادل حريق مكتبة؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية