تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مخاطر التغلغل الإسرائيلي في البحر الأحمر والقرن الإفريقي

شؤون سياسية
الخميس 2-7-2009م
علي سواحة

تعمل إسرائيل ليل نهار لتعزيز وجودها في دول القارة السمراء حتى بات هذا الحضور لإسرائيل أشبه بالحديقة الخلفية للأمة العربية.

ولعل خطورة هذا التواجد الإسرائيلي يتعدى أبعاده الاقتصادية والسياسية إلى الجوانب الأمنية والاستراتيجية، وباتت إسرائيل من خلال تواجدها في القارة الإفريقية تهدد الأمن القومي العربي في إطار استراتيجيتها التي تتناول عدداً من المحاور.‏

أولاً دعم حركات التمرد في الدول الإفريقية وتوظيفها لاستنزاف خيرات وموارد هذه الدول ضد الدول الإفريقية المناوئة لإسرائيل ولمخططاتها العدوانية.‏

ثانياً استخدام إسرائيل لقطاعات الاقتصاد والرياضة والسياحة مع سلاح الدعم المادي والاستعانة بذلك بالدور الأميركي المتحالف ضمناً مع الأهداف الإسرائيلية في إفريقيا بغية تحقيق المزيد من التغلغل الإسرائيلي في دول القارة السمراء.‏

ثالثاً استخدام أسلوب تحريض الدول الإفريقية ضد بعضها البعض ولنا في النزاعات القائمة بين العديد من الدول الإفريقية (أثيوبيا - الصومال - ارتيريا - تشاد - نيجيريا وغيرها خير مثال على ذلك.‏

رابعاً تبذل إسرائيل الجهود الكبيرة لتدويل الأزمات الإفريقية وهذا ما حصل في السودان سواء في جنوبه أم شماله بدارفور إضافة إلى العزف على وتر القرصنة في خليج عدن وشواطئ الصومال بهدف تدويل الأزمة لإقامة تحالف دولي إسرائيلي في هذه المناطق للسيطرة عليها.‏

أضف إلى ذلك أن إسرائيل تريد من تواجدها في القارة الإفريقية الوصول لإحداث القطيعة المطلوبة في العلاقات العربية - الإفريقية،هناك أكثر من مؤشر على النجاح الإسرائيلي في اللعب على وتر هذه العلاقات وخرقها ،ولنا في التزايد الدبلوماسي الإسرائيلي في إفريقيا خير مثال على هذا الأمر.‏

فقد قفز التمثيل الإسرائيلي الدبلوماسي من ست بعثات إسرائيلية في إفريقيا عام 1960 إلى 23 بعثة في عام 1961 ثم إلى 32 بعثة في عام 1972 ثم إلى 45 بعثة في العام الماضي.‏

كما قامت إسرائيل بالسيطرة على كثير من الموارد والمشاريع المائية في مجال بناء السدود المائية في (زائير - ورواندا - وأوغندا) والاتفاقات الموقعة بين إسرائيل وهذه الدول الإفريقية وغيرها بلغت العام الماضي أكثر من عشرين اتفاقية ويقع معظمها في مقاطعات إفريقية بالحدود الأوغندية المشتركة مع السودان وكينيا وصولاً إلى بحيرة فكتوريا لإقامة هذه المشاريع وجميعها تهدف إلى احكام السيطرة الإسرائيلية على منابع النيل الأبيض بشكل خاص.‏

إن التغلغل الإسرائيلي في إفريقيا أصبح حقيقة واقعة ومثال ذلك تواجد الأصابع الإسرائيلية في ما يسمى بظاهرة القرصنة الصومالية كحلقة جديدة لتحقيق المزيد من التواجد ومن التوغل الإسرائيلي في تلك المنطقة البحرية والجغرافية المهمة.‏

تحت شعار التواجد الدولي لحماية الأمن البحري في هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية.‏

كذلك ما تهدف إسرائيل إلى زيادة حضورها في القارة السمراء هو تأمين عودة اليهود سواء السيفارديم الذي قدموا بالأساس من اسبانيا والبرتغال إلى إفريقيا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر أو لتأمين عودة اليهود الاشكيناز الذين قدموا إفريقيا من شمال وشرق أوروبا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين ولاسيما في كينيا وجنوب إفريقيا والذين يتمتعون بحضور مالي وفير ونفوذ اقتصادي ومؤسساتي في تلك الدول الإفريقية.‏

ويجب ألا ننسى ماقامت به الحركة الصهيونية منذ عدة عقود زمنية في تأمين هجرة يهود أثيوبيا الفلاشا عبر عملية مشهورة أطلق عليها عملية موسى في عام 1983 رغم أن هولاء يصنفون بأنهم من أفقر الجاليات اليهودية في العالم وهم الذين تفاجؤوا بأن حالتهم في إسرائيل اليوم ليست أحسن حالاً مما كانوا عليه في أثيوبيا نظراً للمعاملة العنصرية التي يتلقونها قياساً إلى المعاملة التي يتلقاها يهود أوروبا في إسرائيل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية