تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حوارٌ حُر.. لعقلٍ مُنفتح..

فضائيات
الأربعاء 24-11-2010م
هفاف ميهوب

لا أعتقد بأن من السهولة أن يسعى إعلامي لاستكشاف ما يجعل برنامجه وعلى مدار اجتهادهِ, شامل الأهداف, وسواء الثقافية أم الأدبية أم الشعرية, أم حتى الفكرية وبمختلف مفاهيمها الاجتماعية والدينية والسياسية والفلسفية..

تماماً هذا ما سعى إليه (نضال زغبور) الذي ورغم يقينه بأن جهده سيتعرَّض للكثير من الانتكاسات إلا أنه, ومُذ سنوات إطلالته على (الفضائية السورية) ليقدم برنامج (مدارات) لم يتوقف عن التأكيد بأنه مثابرٌ في اقتراف المغامرة, وبما تسلَّح لأجله بالكثير من الجرأة المعرفية.‏

من هنا, ولأنه مازال وفي أغلب حلقاته, يبحث فيما يستعصي استيعابه على المشاهد العادي ومحدود الإطِّلاعات الثقافية, فإنه يبدو ومن خلال عديد المواضيع التي يطرحها, وكأنه خصَّص برنامجه للفئات الواعية والمُدركة, لأهمية المعرفة في جعل الفكر يسمو بالحكمة الحقيقية..‏

بالتأكيد هذا ما أراده, وربَّما ليمنح برنامجه التميّز واستقلالية الحوار وبكلِّ معنى الجدل, وبما يتضمَّنه من ألفاظٍ ومصطلحاتٍ لن يَعيها إلا من كان الهدف من متابعة البرنامج لديه قد اكتمل.‏

إذاً, وفي حال كان الهدف خالصٌ لعشقِ الشعر أو الأدب أو حتى الرغبة بامتهانهما ومعرفة خفاياهما وأسرارهما, فلا بد من أن تكون الحلقات التي استضافت الكثير من الأدباء والشعراء ومن مختلف أنحاء الإبداعات العربية, قد أوفت بكونها كشفتْ عمَّا في هذه الفنون من ألقٍ, مايهمّنا هو قدرة البرنامج على كشفِ مافيه من إشعاعاتٍ نادرة واستثنائية..‏

أيضاً, وعندما يكون الهدف تعريف الهائم على أكثر من لغةٍ, بمكمنِ عروبته, فلابدَّ من أن تتمكَّن الحلقة التي عنوانها (اللغة والهوية) والتي استُضيف فيها الدكتور (محمود السيد) من ردِّ الاعتبار ولكلِّ من فقد انتماءه وإحساسه وسواء بالوطن الأم أم اللغة الأصلية.. وتستمر الأهداف, ليستمر (زغبور) بالبحث في عقلية كلّ من يحاورهم, من مفكرين (ندرة اليازجي) و(طيب تيزيني) وأدباء وشعراء وصحفيين (أنيسة عبود) و(شوقي بزيغ) و(حسن م يوسف). وبهدف معرفة كل ما لدى حضارتنا من سخاءِ في فكرِ المبدعين.‏

لا يتوقف البرنامج لدى استعراض وبحث ما يحلو لنا أن نلحقهُ بأصحابِ العقول (الذهبية) ليقوم أيضاً بتقديم ما بإمكاننا أن نُلحقه, وبعد أن شاهدنا الحلقة التي عنوانها (الفنان والدبلوماسية) ب (الثقافة الفنية). وهي الثقافة التي تطلَّبت بأن يكون الحوار مع الفنان (جمال سليمان) على مستوى جدلية التواصل مع الآخر, وبدبلوماسية..‏

عناوينٌ كثيرة طرحها البرنامج ولا يزال.. ضيوفٌ كُثُر استضافهم ليطرحوا آراءهم وفي كلِّ مجال, وبما لم يفسِّر فقط ما في الحضارات من آدابٍ وثقافات وإنما ما فيها أيضاً من مفاهيمٍ ومصطلحات, قد يكون لها مدلولات إيجابية وربَّما تكون مدلولاتها بمنتهى السلبية, وبشهادة الحلقة التي ناقشت (ثقافة الماسينجر) والتي يحقُّ لكلِّ من شاهدها أن يحكم, بمقدار ما لهذه الثقافة من انعكاساتٍ تخريبية..‏

أخيراً ورغم زخم المعلومات التي بإمكان كل من يرغب بالمعرفة أن يستقيها من البرنامج, إلا أن مجال الحوار لا ينحصر أمام الضيف فقط, ليكون من حقِّ المشاهد أيضاً وأنَّى كان, الاتصال والمشاركة وبما يحلو لقناعاته وأفكاره أن تبديه ل (مدارات). البرنامج الذي يستحق أن نمهره ب (غير مخصَّص للعقول الصَدئة) والذي هو وبشهادةِ معدّه ومقدِّمه (حوارٌ حُر, ولعقلٍ منفتح ومتعدَّد الاهتمامات).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية