|
معاً على الطريق ومنذ قدم أول أضحية (كبشاً) فداء لابنه النبي إسماعيل «وفديناه بذبح عظيم» ومع تباشير العيد يخيم الكمود على الأسواق ومحال البيع فإن كانت عندك سيارة فأنت تلهث لتأمين أقساطها وتنوء بشراء وقودها فتحسب خطواتك بالمتر حتى لاتغدو هيكلا من حديد مركوناً في الطريق وأمام المباهج تغض الطرف «أنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا» كما يقول جرير في هجاء الراعي النميري وترى الشوكولا والحلويات تعرض النفس للهلاك لأنها ترفع الكوليسترول ونسبة السكر في الدم وتسيء إلى اللثة وترى الفواكه ترفع الضغط وترى اللحم والأطايب كأنها من طعام أهل النار كما ورد ذكرها في الآية الكريمة من سورة الغاشية «ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع» (الضريع نوع من النبات خبيث لا تقبله الدواب) أما عن الثياب فليس أمامك سوى طريقين: ثياب البالة ولعلك تأنفها أو ثياب الماركات فتجدك عاجزاً عن شرائها بيد أن الثياب الأبقى هو إهابك «جلدك» لولا دواعي الحشمة والبرد والحرارة وتتذكر ملحمة الفارس في إهاب النمر للشاعر الجورجي شوتا روستا فيللي وتلجأ إلى تجديد الثياب بالرتق والتنظيف والكوي وما أجدرك بالتصوف لتقهر نفسك فإن النفس أمارة بالسوء وتتذكر أن القناعة كنز لا يفنى وتهرب من فكرة ارتداء الصوف لأن أسعاره تتحرك في فسحة السماء كالسحائب العقيمة. ويقف الحجيج في عرفات يوم الاثنين الماضي «لبيك اللهم لبيك» فتتفاجأ وأنت تجوب الشوارع كأنه الفجر الصادق والناس يتكومون على محال البيع والنقود بين أيديهم كرفيف الحمائم يحملون الأكياس تحت آباطهم أو في صناديق سياراتهم والفرح يتلألأ على عيونهم وعيون أطفالهم إنها منحة الرئيس 50٪ جعلت العيد عيداً. ويخزك هاتفك الجوال وأنت تعيش بأمن وأمان وتلطمك شاشات التلفزيون ساعة بساعة عن صريع هنا وصرعى هناك على مدى عالمك العربي والإسلامي بسيارات مفخخة وأشخاص من أبناء آدم يتمنطقون بالأحزمة الناسفة حتى وصل الأمر إلى بنغلادش وتردد مع أحمد شوقي على لسان أم كلثوم: جحدتها وكتمت السهم في كبدي جرح الأحبة عندي غير ذي ألم وبريطانيا تقرر أن تلقي القبض على مجرمي الحرب الصهاينة فيهددونها فتتراجع رغم أن الشعب البريطاني يقوم بالتظاهرات، مطالباً بمقاطعة البضائع الإسرائيلية بسبب فظائعها في غزة، وليس غريبا أن الغرب لايريد إزعاج إسرائيل فلا يأبه بفظائعها لأنه يسويها بنفسه وهو الذي اخترعها واخترع الاستعمار واخترع الفظائع ولأن قتل الإنسان عنده كقتل ذبابة، ولو كلب مات في بلادهم لاستنفرت جمعيات الرفق بالحيوان تستنكر لأن من حق الحيوان أن يعيش بكرامة فتقول ما أرق قلوبهم. وفرنسا تعين جانيت بوغراب وزيرة جديدة مسلمة من أصل جزائري تفتخر أنها تعادي الإسلام وأن أباها كان جندياً في الجيش الفرنسي ومنح أرفع الأوسمة لأنه حارب ضد بلاده أثناء حرب الجزائر التحريرية التي انطلقت عام 1954 وانتهت بالاستقلال عام 1962م |
|