تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


السعودية تخطب ود إسرائيل!!

هآرتس
ترجمة
الأثنين 23-4-2012
ترجمة: ليندا سكوتي

في زيارته للولايات المتحدة، التقى وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان نظيره الأمريكي ليون بانيتا عقب لقاء أجراه مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما دار به الحديث حول الوضع في إيران وعما يحصل في البحرين من أحداث واضطرابات تثير قلق الولايات المتحدة لكون هذا البلد هو المقر الرئيس للأسطول الأمريكي الخامس الذي يمثل القوة البحرية الضاربة في الخليج.

منذ أمد يعمل الأمريكيون على توطيد العلاقات مع الأمير سلمان لأنهم يتوسمون له انتقالا سريعا من الموقع الثالث إلى الموقع الأول في بيت الحكم السعودي نظرا لما يتمتع به من صحة وشباب مقارنة بالملك عبد الله، الأخ غير الشقيق له، الذي ناهز على 89 عاما من عمره وولي العهد الأمير نايف البالغ من العمر 79 عاما وترسيخا لتلك العلاقة عهد إلى مارتن دمبسي برئاسة مجموعة من المستشارين لتدريب الحرس الوطني السعودي الذي يرأسه هذا الأمير.‏

إن ما نشهده من استقرار في هذا البلد يعود بشكل رئيس للأموال الطائلة التي تجنيها المملكة من استثمار لمصادرها النفطية، لكن تلك المصادر لن تبقى قادرة على تلبية الاحتياجات المتعاظمة لهذا البلد في ظل التزايد المطرد للسكان الذين تجاوز عددهم 27 مليون نسمة، 5.5 ملايين منهم لا يحملون الجنسية السعودية، وواقع البطالة بين صفوف الشباب التي أصبحت تشكل 30% منهم والأمية المستشرية بين الشعب التي تزيد نسبتها عن 20% من إجمالي المواطنين.‏

علينا أن نأخذ المقال الذي نشرته المجلة العسكرية الأمريكية «جوينت فورس كارترلي» المعد من قبل جنرال السعودي بمزيد من الاهتمام لما يحتوي عليه من أمور تعطي الانطباع عن رغبة المملكة السعودية بالتقرب والتعاون مع إسرائيل ولأن كاتبه من الأسرة السعودية المالكة ويعتبر رأيه معبرا عن موقف النظام القائم في هذا البلد فإننا نعتقد بأن المملكة السعودية تسعى، لكن بشكل خجول، لخطب ود إسرائيل عبر تحقيق اتفاق للتعاون وفقا للرؤية السعودية في هذا المجال. وإن حصلت على استجابة إسرائيلية فإنها لن تتوانى عن إعلان التزامها بالسلام مع إسرائيل وممارسة نفوذها على الدول العربية الأخرى لاتخاذ ذات المسار.‏

لقد أشاد الجنرال السعودي بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ودعا «إلى تشجيع الفلسطينيين والإسرائيليين والعرب إلى معرفة كل منهم الآخر، عبر شبكة الانترنت على الأقل وذلك لمناقشة مواضيع ذات اهتمام مشترك مثل الرياضة، الفن، واحتمالات السلام ومتطلبات تحقيقه».‏

علينا أن ندرك ونأخذ باعتبارنا بأن كاتب المقال هو الأمير الجنرال صاحب السمو الملكي الدكتور نايف بن احمد آل سعود الحائز على شهادات عليا من جامعة جورج تاون وكامبريدج وله خبرة واسعة في أمور التخطيط العسكري الاستراتيجي، العمليات الخاصة، الدبلوماسية الدولية، والحرب الالكترونية. وعلينا أن نعلم بأنه تلقى العلم في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن في ذات الوقت الذي كان به الضابط الإسرائيلي من القوى الجوية زئيف سنير في ذات الجامعة وذات المرحلة الدراسية ذلك الضابط الذي أصبح الآن برتبة جنرال احتياط في القوى الجوية الإسرائيلية حيث عمل منذ تخرجه بسلاح الجو الإسرائيلي ويترأس حاليا أحد الفروع الأمنية في إسرائيل.‏

عرف عن الأمير نايف اهتمامه بالقضايا الاجتماعية ذات التأثير على النظام السعودي دون إغفال اهتمامه بتطوير الإمكانيات العسكرية للبلاد. وفي هذا السياق كتب مقالا في عام 2002 بمجلة «جوينت فورس كارترلي» قال به بأن الرياض تسعى لتحديث قوتها العسكرية بامتلاكها لأسلحة متطورة لكن ما يحول دون تحقيق ذلك هو الزيادة المطردة في عدد السكان الذي يتطلب منها تخصيص جزء كبير من مواردها لتلبية الاحتياجات المحلية مثل التعليم والسكن والخدمات الطبية. وقال أيضا بأن حكام السعودية سيفقدون مصداقيتهم إن لم يأخذوا باعتبارهم التطلعات التي يحملها المجتمع.‏

يبدي الأمير نايف اهتماما بالاحتجاجات الاجتماعية التي قامت في إسرائيل وذلك من زاوية الطريقة التي عالجت بها الحكومة تلك الأحداث، مركزا جل اهتمامه على دور الشبكة في تنظيم الاحتجاجات الاجتماعية ودور الشرطة والأمن في السيطرة على تلك التحركات.‏

ويبدو أن المملكة السعودية تعد العدة لمواجهة موجة الربيع العربي التي يمكن أن تحط على شواطئها مسترشدة في ذلك بالأساليب التي اتبعتها إسرائيل في معالجة احتجاجات الصيف الماضي وبالتعاطي البريطاني مع أعمال الشغب التي جرت في شهر آب الفائت. وفي هذا السياق، كتب نايف أيضا في ذات المجلة قائلا «إن قيادة المملكة ترصد التطورات في إسرائيل باعتبارها تشكل اختبارا لفعالية وسائل الإعلام الاجتماعية في تنظيم الاحتجاجات غير العنيفة التي ترمي إلى إحداث تغيير في السياسات الاقتصادية والأمنية».‏

يحاول نايف في مقاله إقناع القارئ بأن قيام الحكومة السعودية بمراقبة شبكة الانترنت، الفيسبوك، التويتر، والرسائل النصية أمراً مشروعاً وله سند قانوني وأن لدى الغرب ودول ديمقراطية أخرى مثل الهند تشريعات تجيز إجراء الرقابة.‏

ويرى أنه من حق إسرائيل منع مثيري الشغب الأجانب من دخول البلاد جوا أو بحرا. ويعتقد بأن قادة الغرب لا يرغبون برؤية وسائل الإعلام الاجتماعية تدعو إلى تنظيم احتجاجات كبرى تندلع في الرياض أو بكين لتفضي إلى سلسلة من ردود الأفعال التي من شأنها أن تقود إلى انهيار في الاقتصاد الغربي.‏

إن لإسرائيل والمملكة السعودية عدو مشترك هو إيران، ولهما صديق مشترك هو الولايات المتحدة. وإن إجراء حوار بينهما يبدأه شخصيات عسكرية مثل الأمير نايف سيساعد الدولتين في تعزيز الحوار الدبلوماسي بينهما وفي المنطقة برمتها.‏

 بقلم: عمير أورين‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية