تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اللاجئون..أزمـــة تــخيم عــلى الــصومــال

شؤون سياسية
الأربعاء 24-6-2009م
حكمت العلي

لا تكاد الآمال حول توقف العنف والاقتتال في الصومال تنتعش وتتجدد إلا ويعود هذا البلد مرة أخرى ليغرق في موجة جديدة من سلسلة فصول الحرب الأهلية الممتدة منذ عام 1991 وحتى يومنا هذا

والدافع الأكبر لضريبة هذا الاقتتال الذي يتجدد تحت شعارات مختلفة هم السكان المدنيون الذين ذاقوا طعم المرارة والتشرد والجوع هذا إذا حالفهم الحظ ونجوا من وطأة الموت والمعارك.ناهيك عن تبعات الحرب بما تشكله من دمار واستنزاف لقدرات هذا البلد المثقل بمختلف أنواع المشكلات الاقتصادية من فقر وضعف البنى التحتية وبطالة كبيرة وانعدام في حركة النمو نتيجة ظروف الحرب التي عطلت جميع مظاهر الحياة وشلتها في هذا البلد الذي انهكته التدخلات الخارجية المختلفة والتي تريد لهذا البلد أن يبقى مضطرباً وغير مستقر ونازف الجرح بغية شرعنة التدخل فيه، ولعل ظاهرة القرصنة على شواطئه أبرز تلك التداعيات الخطيرة للحالة غير السوية التي طغت على حياة هذا البلد والتي يراد منها تشكيل خطر دائم على الملاحة في البحر الأحمر ومنطقة القرن الإفريقي والطرق المؤدية إلى المحيط الهندي وجعل هذه الظاهرة (القرصنة) فزاعة لتهديد أمن واستقرار هذه المنطقة من أجل تبرير التدخل والعدوان فيها والتي ما كانت لتوجد لولا دعم القوى الخارجية لهذه الظاهرة واستخدامها ورعايتها ولو كانت النية والإرادة الدولية متوافرة وصادقة لما استمرت هذه القرصنة ومن هنا يطرح التساؤل لمصلحة من استمرار تهديد الملاحة واختطاف السفن وهل صحيح أن الدول الغربية الكبرى وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية بما تمثله من ثقل وجبروت عسكري غير قادرة على وقف عمليات القرصنة أم إنها تريد تهويل وتضخيم الخطر لتبرر فيما بعد التدخل مجدداً في الصومال.‏

المعارك الضارية في العاصمة مقديشو أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى ونزوح آلاف السكان لينضموا إلى قافلة النازحين الذين تكدسوا في بلدة أفغوي المجاورة التي تضم أكثر من 400 ألف نازح يعيشون تحت ظروف إنسانية صعبة في أكبر عملية نزوح للسكان إلى خارج مقديشو منذ انتخاب شريف أحمد رئيساً للبلاد في شهر كانون الثاني الماضي.‏

ونتيجة لاشتداد المعارك وبعد مقتل وزير الأمن الداخلي ونائب في البرلمان دخلت البلاد منعطفاً خطيراً دعت برئيس البرلمان الصومالي للطلب من الدول المجاورة إلى نشر قوات في الصومال في الساعات الـ 24 المقبلة مؤكداً أن سلطة الحكومة اضعفتها هجمات المسلحين.‏

المنظمات الإنسانية طالبت بدورها المجتمع الدولي للتدخل وإرسال المساعدات الغذائية والطبية العاجلة في ضوء الأزمة الإنسانية المتصاعدة حيث يعاني السكان من نقص الأغذية والأدوية ما يتسبب في ارتفاع عدد الضحايا نتيجة عدم القدرة على تقديم المساعدة للمتضررين وخاصة أن الحرب الأهلية المتواصلة منذ سنة 1991 قد أرهقت البلاد وأفقرتها وجعلتها في حالة ترد متواصلة مع استمرار العمليات القتالية التي لا تنبئ تفاصيلها الحالية متى ستنتهي ومقدار الضريبة التي سيدفعها الصومال نتيجة الأطماع الخارجية فيه!‏

هذه التحديات التي تراكمت يوماً بعد يوم تترافق مع تحديات أخرى إنسانية بجوهرها مع تفاقم أزمة السكان في الصومال نتيجة مجمل هذه الظروف حيث أعلن مكتب تنسيق المساعدة الإنسانية التابع للأمم المتحدة مطلقاً نداءاته أن أكثر من ثلاثة ملايين صومالي سيحتاجون إلى مساعدة في الأشهر الستة المقبلة بسبب اتساع نطاق المعارك بين الميليشيات في هذا البلد التي لم تقتصر على العاصمة مقديشو بل شملت مدناً مهمة في جنوب البلاد ووسطها وما يزيد من حجم المعاناة الإنسانية قيام المسلحين بتخريب مخزون المساعدات الإنسانية إضافة إلى تقاعس الدول المختلفة عن إرسال المساعدات الكافية إذ لم يجر تقديم سوى 35 بالمئة من قيمة المساعدات التي يحتاج إليها هذا البلد والمقدرة بـ 985 مليون دولار.‏

وتخشى الأوساط الدولية من تفاقم الأزمة الصومالية مع ورود أنباء عن عبور قوات اثيوبية مختلفة إلى وسط الصومال للمشاركة في الأعمال القتالية هناك وهو الأمر الذي أثار مخاوف كبيرة لدى السكان الذين يرفضون هذا التدخل في شؤونهم وما يدل أيضاً على أن موجة جديدة من الاقتتال والعنف سوف تتصاعد بفعل هذه التدخلات التي سيكون ضحيتها الأولى السكان المدنيون.‏

وتسبب القتال طوال العامين الماضيين بمقتل 17700 مدني ونزوح أكثر من مليون صومالي عن ديارهم واعتماد أكثر من ثلاثة ملايين صومالي على المساعدات الغذائية الطارئة كما أجبرت أعمال العنف العديد من الصوماليين على الفرار غرباً عبر الحدود الصحراوية إلى كينيا المجاورة ويعيشون ظروفاً إنسانية صعبة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية