تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل الاســـتيراد أســهل من الإنتـــــاج؟

على الملأ
الاربعاء 24-6-2009م
علي نصر الله

حتى وقت قريب جداً وربما حتى الآن لا تزال مقولة إن الاستيراد أسهل من الانتاج مقولة مسيطرة يؤمن بها الكثيرون في القطاعين العام والخاص،

وهو الأمر الذي يجعل قطاعاتنا الاقتصادية تتخلف عن مثيلاتها اقليمياً وربما عربياً، فضلاًً عن أن ذلك يجعل مجتمعنا مجتمعاً استهلاكياً مع ما يعنيه ذلك من استمرار المخاطر والمشكلات التي يواجهها.‏

المنتجون - صناعيين ومزارعين- كثيراً ما كانت شكاياتهم تتحدث عن ضرورة اهتمام الحكومة بتنمية وتمويل الصادرات ومساعدتهم على اختراق الاسواق الخارجية، وقد فعلت الحكومة واستجابت فأحدثت صندوقاً لدعم الصادرات وهيئة للترويج رغم أنها لم تقصر سابقاً بتقديم الدعم فهل اشتغل المنتجون على أنفسهم؟!..‏

سؤال مهم ينبغي أن يطرحه المعنيون بالمسألة قبل أن يغرقوا في الحديث عن تحقيق العدالة بتحديد تكاليف الانتاج وعن الاعباء الضريبية والجمركية وتعليمات إلغاء تعهد قطع التصدير، وعن تدخل الدولة من عدمه في اتخاذ قرارات تمنع أو تسمح باستيراد أو تصدير هذه المادة أو تلك.‏

هذا السؤال نجده مرة أخرى يقودنا للتساؤل - بمرارة - عن الانتاج وعن شكل معاناة منشآتنا وأي نوع من الدعم الذي تحتاجه في ظل وجود اتفاقيات التجارة الحرة والتبادل التجاري التي تربطنا بالدول العربية والاقليمية والصديقة في أوروبا وآسيا؟!‏

الاجراءات التي أقدمت الحكومة عليها تعكس الارادة الجدية باتخاذ قرارات اقتصادية من شأنها أن تضع قطاعاتنا الانتاجية ( في العام والخاص) على الخارطة الاقتصادية ولا يجوز مطالبتها بالدعم والتمويل والقيام بفعل الترويج أيضاً من دون الحديث عن العائدات وعن مشاريع التنمية وأولويات الاستثمار في القطاعات المتاحة أو التخطيط لاقتحام قطاعات انتاجية جديدة.‏

نحن بلد زراعي يحقق الاكتفاء الذاتي وفوائض كبيرة بالانتاج قد لا تجد طريقها الى التصدير لأسباب متعددة لكن من قال أنه ينبغي تصديرها وكفى المنتجين والصناعيين والمستثمرين شر الصناعة والعمل على التصدير كسلع وليس كمواد خام ؟!‏

أين هي تلك الصناعات ولماذا لم تنشأ حتى الآن وهل سأل أحد من الصناعيين كم مصنعاً لدينا للعصائر والكونسروة وغيرها من الصناعات الزراعية، واذا وجدت فهل اعتنى أصحابها بمستوى الانتاج ومقتضيات التسويق لجهة الجودة وتعدد العبوات وشكلها وهل تعرف الى أهمية الانفاق على الترويج والاعلان؟!‏

ما زال صناعيونا- على قلتهم- يستسهلون رغم تحسسهم بأن منتجاتهم لم يعد تروق للسوق المحلية فكيف بالاسواق الخارجية وما زال رأس المال المحلي يتصف بالجبن ويتهيب المنافسة مع المنتج الاجنبي ويرى أن الاستيراد أسهل من الانتاج!!‏

لاحظوا أننا نتحدث عن صناعات بسيطة وأسواق سهلة ولم نجرؤ على المطالبة بقيام صناعات معقدة كل الذين سبقونا اليها وقطعوا أشواطاً مهمة فيها نتشابه ونتقاطع معهم في الظروف والمعطيات ..وتذكروا أن شركات في الهند مثلاً تعد اليوم من أهم الشركات العالمية المنخرطة في صناعة البرمجيات، كفى حديثاً عن دعم الدولة وأبوية الحكومة وضرورات الدعم والتمويل فمن يسعى للعمل والانتاج سيجد القوانين والتشريعات في خدمته وربما سيصار الى سن قوانين تحميه!!‏

ali.na-66@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية