|
لوفيغارو فقد كانت إيطاليا مهددة بسقوط مروع مماثل لما حدث في اليونان ؛ حيث اجتمعت كل مقومات الانهيار بدءاً من الطبقة السياسية التي فقدت مصداقيتها ، وكبرى النقابات التي عملت على تجميد النشاط الاقتصادي ، وكذلك التهرب الضريبي الذي أصبح عرفاً وطنياً ودين وصل إلى 120 % من الموارد الوطنية . الأمر الملطف الوحيد الذي جعل إيطاليا تبدو مختلفة دائماً هو الميزان الوطني الذي كان يقدم مؤشراً فائضاً على الدوام أي على نقيض الواقع في الميزان الفرنسي فكفة الفائض كانت راجحة في كل مرة قبل تسديد فوائد الديون ، فيما كانت فرنسا تقترض في كل مرة لتسدد رواتب الموظفين في الدولة والتكاليف المالية . لحسن الحظ ، التقى رجل ليس من الوسط السياسي على الإطلاق ، مهتماً بالمصلحة العامة ليطلق عليه تسمية «المنقذ » هكذا تم اختيار وتسمية ماريو مونتي المفوض الأوروبي سابقاً ليعين رئيساً للوزراء حيث حصل على أغلبية الأصوات من الطرفين وكان ذلك في منتصف تشرين الثاني الماضي . لكن هل يكتفي هذا الأخير بتهدئة الأسواق من خلال روحه الرائعة وبمساعدة مجلس حكومة الاتحاد الوطني . كلا ؛ لأن إيطاليا تحظى بالفرصة بزوال هذه العاصفة ، فقد قرر مونتي الاستفادة من الواقع لإصلاح هذه الدولة العجوز ، وذلك من خلال إبعاد الحرفية ( نظرية اقتصادية اجتماعية تقول بإيجاد مؤسسات حرفية نقابية تخول سلطات اقتصادية واجتماعية وسياسية ) التي تجمد النمو الاقتصادي ولاسيما إصلاح قانون العمل ، فهناك الكثير من المسائل التي كانت ترفض مواجهتها العناصر الوسيطة . بالتأكيد بدأ ماريو مونتي بوضع خطة تقشف ليتمكن من معالجة الوضع الاقتصادي المنهار بأسرع ما يمكن وليتجاوب مع صدى الأسواق، لكن حتى الآن لم يتوصل إلى أي نتيجة ، إذ منذ تسميته رئيساً للوزراء تراجعت الفوارق بين ألمانيا وإيطاليا وبشكل مذهل . ثم أن المفوض الأوروبي سابقاً سعى للإطاحة بنظام تشريعي وإداري أصبحا لا يحتملان الأمر الذي قاده لإلغاء ثلاثمئة ألف مرسوم وقوانين وتسويات لا تفيد سوى بإعاقة سير الشركات والتنافس الحر ، بنفس الوقت وضع مكانها خطة لمحاربة التهرب الضريبي بهدف استعادة مئتين وسبعين مليار دولار كانت قد تبخرت . أخيراً ، تبنى ماريو مونتي الجزء الأخير من خطته والتي تسعى إلى ازدهار البلاد , وهو إصلاح يتعلق بتثبيت سعر سوق العمل . وكان يأمل بعدم فرض نص ما على شركائه الاشتراكيين . لكن أمام عدائية أكبر النقابات قرر تجاوز الأمر, وفي سياق حركة الإصلاح هذه ارتأى إلغاء المادة 18 من قانون العمل وكذلك وضع عقد تدريبي لمدة ثلاث سنوات بدل التدريبات(استاج)المجانية. بالتأكيد لم يصوت النواب بعد على كل هذه الخطوات . هذا واستفاد ماريو مونتي من دعم ثلثي الشعب الإيطالي حيث فرض التقشف وقلّص الراتب التقاعدي ، وقلل النفقات العامة . مما يثبت أنه خلال عشرة أشهر ستجد هذه الدولة العجوز مصادرها الضرورية لإصلاح ذاتها تحت تسمية المصلحة العامة . وهذا ما يثبت الوضع الراهن وتأثير الوظيفة العامة والتقليدية والتوافق مع النقابات بأي ثمن ما . |
|