|
لوموند كانت وطأة ساحة التحرير في العاصمة فجر اندلاع الاحتجاجات الشبابية تحت ذريعة حماية الثوار وحقوقهم المشروعة، لتبين للقضاء المصري بعد فترة وجيزة كذب إدعائها.. فما هي بالحقيقة إلاّ هيئات شكلية عملية للاستخبارات الأميركية والإسرائيلية شغلها الشاغل آنذاك كان إبقاء شعلة الاحتجاجات على الدوام وزيادة هيجانها، وإثارة الفتنة والهياج بين صفوف الثوار وقوات حفظ النظام في ساحة الاحتجاجات الأمر الذي أودى بحياة مئات من المواطنين الأبرياء والكثير من قوات حفظ النظام وعدد من الثوار.. المجلس العسكري الأعلى في مصر قلق جداً جراء سعي أميركا المستميت لدعم حزب الاخوان المسلمين والأحزاب السلفية بل والحث على تشكيل المزيد منها للوقوف في وجه المجلس الذي يحكم ويدير البلاد بالوكالة.. ريتشارد فولك أستاذ القانون الدولي ومراسل لهيئة الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان الفلسطيني يرى «أن الهيئات تلك لا تتمتع بالصفة الرسمية على الإطلاق مهما ادّعت حسن النّية ومجانية خدمتها للشعب المصري لتمكينه في التحكم بالعملية الديمقراطية في بلاده في ميدان الانتخابات على وجه خاص، وهي بالحقيقة تعمل لصالح الاستخبارات الأميركية والحكومة الاسرائيلة، وقد سبق لها أن حاولت مراراً الإطاحة بأنظمة عديدة على المستوى العالمي لا لشيء إلا لكونها تعارض وتعادي الأجندة السياسية الأميركية الخارجية، تماماً كما حصل مع حكومات اليسار في أميركا اللاتينية وآسيا وبولونيا وهاييتي مقابل حصول هؤلاء العملاء على أموال أميركية طائلة .. وهنا نجد أنه من الطبيعي أن تتوجس الحكومة المصرية خيفة من هذه «المنظمات» ونشاطاتها الخبيثة والشريرة... لذلك سارعت الحكومة للبحث والتنقيب بدقة عن أوكارها ومقرّاتها وإغلاقها بإحكام .. لكن أوباما لم يرق له الأمر فسارع لتوّه إلى قطع إمداداته المالية للحكومة إياها وتصل إلى 3،5 مليار دولار سنويا منها 1،3 مليار دولار للشؤون الدفاعية.. ما دفع بالاسلاميين في البلاد إلى إعلاء مزايداتهم وتوجيه تحذير من مغبة قطع المساعدات الأميركية وبالتالي جعل اتفاقات السلام من قبلهم في ظل كامب ديفيد عام 1978 لاغية وباطلة .. وفي المقابل وبالتنسيق مع الحملة الوطنية بإشراف حكومة بلادهم الهادفة إلى رفض المساعدات والقروض الأجنبية اندفعوا مع السلفيين يجمعون تبرعات مهمة من فئات الشعب حتى الأشد فقراً فيهم.. منذ سقوط نظام مبارك تدافعت الهبات المالية الأجنبية إلى جيوب الجيش المصري لتطوير البلاد، لكن الأخير ارتأى ضرورة الاعتماد على سياسة اقتصادية حقيقية تدفع بالبلاد قدماً إلى الامام بدلاً من الاعتماد على إعانات ذات سهام سامّة...!! رجل الإقتصاد المصري والعضو في جمعية «إلغاء الديون المصرية» وائل جمال يرى «أن الفساد وغياب الديمقراطية لا يشكلان معاً عاملاً كابحاً حقيقياً للمنح المالية الأجنبية، ذلك لأن الفساد متراكم بين صفوف الجيش منذ سنين طويلة جداً، وبقي أن أمر رفض المنح يعود إلى عدم توافق أجندة الدول المانحة مع أجندة العسكريين.. الأميركيون قلقون جرّاء التقارب الواضح بين الاخوان المسلمين وقوى الجيش، كما إن تطوير المنظمات غير الحكومية في مصر قد يشكل لهم وسيلة للموازنة لكن العلاقة الاستراتيجية ليست في الرهان بأي حال من الأحوال.. أميركا رحبّت بانتقال السلطة إلى المجلس العسكري الأعلى ولن تسعى قط لقطع مساعداتها عنه مهما كلّف الأمر... بقلم: كلير تالون |
|