|
شؤون سياسية إلا بعد مضي عام عسى أن يعود من غرر بهم إلى رشدهم بعد أكثر من خمسة قوانين عفو عام, واستطاع الانتصار في بابا عمرو أن يقصم ظهر الجماعات المسلحة والمرتزقة الأجانب وفر آلاف منهم إلى تركيا ولبنان وقد طالبت السفيرة الأميركية مورا كونيلي الحكومة اللبنانية بمساعدة الفارين والجماعات المسلحة الهاربين عبر الحدود اللبنانية. واستطاع الجيش العربي السوري أن يحقق إنجازات كبيرة بمواجهة المجموعات المدججة بالسلاح والمدربة على أيدي الوحدات الخاصة البريطانية والاستخبارات الفرنسية والأميركية والتي يساندها على الأرض السورية آلاف من المرتزقة العرب والجنود الأطلسيين بعد معارك ضارية، وحرر معظم المدن والمناطق التي ابتليت بداء المرتزقة وشبكات اللصوص. وظهر نصران أحدهما في مجلس الأمن والثاني في بابا عمرو وعلى أثرهما عرفت دمشق موسم حجيج الدبلوماسيين والمبعوثين إلى القصر الرئاسي فوصلت مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري أموس في 7 آذار ثم زيارة مبعوث الأمم المتحدة كوفي عنان في 10 آذار، ومهمة عنان تهدف إلى وقف إطلاق النار في كل المناطق السورية وفي الحقيقة حملت مبادرة عنان مشروع الجامعة العربية من دون الدعوة لتنحي الرئيس الأسد، وطلب عنان وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين من أفراد الجماعات المسلحة، ولاشك أن القيادة في سورية سألت عنان «كيف يمكن التوصل إلى اتفاق مع المعارضة بوجود الجماعات المسلحة؟ ومن يضمن أن هؤلاء سوف يحترمون اتفاقاً كهذا؟ وخاصة ممن يدعمونهم ويمولونهم ويسلحونهم. ومن المضحك الاعتقاد أن كل هذه الأسلحة وهذا المال قد هبطا من السماء»، فمنذ بداية الأزمة وسورية في موقف المدافع عن سيادتها ووحدة أراضيها وقامت الدبلوماسية السورية بجهود جبارة لصد الهجمات المستمرة التي تستهدفها من كل الجهات التي تسعى إلى إحالة الملف على مجلس الأمن وألا تعطي الذريعة للمتآمرين، وقد بادرت القيادة السورية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة من إصلاحات سياسية ودستورية وأطلقت سراح السجناء السياسيين ثم رحبت بالمبادرة العربية وتعاونت مع مراقبي الجامعة العربية إلى أقصى حد وسهلت مهمتهم ولكن الجامعة العربية أهملت تقرير المراقبين لسبب بسيط هو أن التقرير أشار إلى وجود مجموعات مسلحة في صفوف «المعارضة» واعتبر أنهم يرتكبون جرائم بحق المواطنين وأن السلطات السورية تعاونت مع المراقبين. واتضح أن حقيقة كهذه لا تخدم أهداف المتآمرين الذين زادوا ضغوطهم بإحالة الملف على مجلس الأمن في 4 شباط. وبعد الفشل الثاني للحلف العربي الأطلسي غدا أن الحملة اتخذت منحى نازلاً بعد الرسالة التي عبر عنها الفيتو المزدوج : لا للتدخل الخارجي المباشر في سورية ولا لقرار أممي بذريعة الشأن الإنساني، ولا لتنحية الرئيس الأسد. وسورية كسبت المعركة في مجلس الأمن. فهل تثق سورية بالأمم المتحدة وبكوفي عنان؟ كوفي عنان بعد مغادرته سورية لم يذهب للقاء الأمين العام للأمم المتحدة بل ذهب إلى قطر على اعتبار أنها في حالة حرب مع سورية؟ ثم لماذا تصاعدت الأعمال الإرهابية بعد مبادرة عنان؟ الدول المتآمرة على سورية تريد كسب الوقت ويبدو أنها لن تكل ولن تمل ولن تدفع مجلس اسطنبول الى الموافقة على أي التزام مطلوب منها لأنه كيف يمكن الجلوس على طاولة المصالحة مع الذي خلق المعضلة أو المشكلة؟ وكان أينشتاين يقول: من يخلق المشكلة لا يمكن أن يكون الحل. ومن يرد أن يرمي بلاده في أحضان الفوضى الخلاقة الأميركية لا يحاور لأن قراراته ليست من بنات أفكاره إلا ما أعجب بها الامبرياليون. سورية تخطت نفقين هما الأكثر ظلمة أي الهجوم الدبلوماسي والتمرد العسكري الوهابي، وبقي عليها تحديان لتتصدى لهما: الاقتصاد والأمن. |
|