|
عن The Independent و أحد من المشرعين لم يرفع صوته لصالح المتمردين بالجرأة التي قام بها ذاك الشاب ذو الأربعة و العشرين ربيعا في أول خطاب له أمام مجلس اللوردات في السابع و العشرين من شباط 1812. فخلال الأشهر التسعة السابقة لهذا اليوم، ثار اللوديت(أعضاء في جماعة العمال في انكلترا) ضد تكنولوجيا جديدة في صناعة النسيج، تزيد الأرباح و لكنها تتخلى عن الكثير من العمال عبر قرى اللورد الشاب في مقاطعة نوتينغهامشير. و في جنح الظلام كان النساجون، الذين أضحوا بلا عمل، ينتقلون من ورشة إلى أخرى محطمين (الإطارات الضخمة) التي دمرت حياتهم و جوعت عائلاتهم. و في الواحد و العشرين من شباط تم اقتراح قانون أمام مجلس العموم يعتبر «تحطيم الإطارات» جريمة كبرى.غير أن قلة من الناس كانت تعلم ب جورج غوردون، البارون السادس في عائلة (بايرون)، الذي كان يتحدث لصالح المتمردين لا حكومة المحافظين. و رغم أن زملاءه توقعوا منه إظهار التضامن مع طبقته الاجتماعية، فإن ما حصلوا عليه في الواقع هو قنبلة ثورية، و انقلابا دراميا كان له أثر كبير في الأسابيع التالية المذهلة من حياة بايرون. و مع حلول نيسان 1812، تمكن ذاك الرجل الضعيف جسديا المنحدر من عائلة اسكتلندية من منح تعريف جديد للنجومية الأدبية. لقد رسخ بشكل أو بآخر المعاني الحديثة لكلمة شهرة. و كان في طريقه لأن يغدو أكثر الشخصيات الأوروبية تأثيرا في القرن التاسع عشر، و المجسد للجرأة الفنية و المغامرة العاطفية. و مؤخرا أعاد مسرح Jermyn Street ،في لندن، إحياء مسرحية هوارد برينتون (شعر دموي)، التي تحدثت عن الجلسة الرباعية المتقدة التي استضافها بايرون على شواطئ بحيرة جينيفا عام 1816، مع بيرسي و ماري شيلي و عشيقته كلير كليرمونت. هذه الفضيحة جعلت تعبير «بايروني» إشارة إلى أسلوب في الحياة كما هو أسلوب في الشعر.غير أن عمل بايرون في الهرطقة قد بدأ فعليا، و قبل أي مكان آخر، في مجلس اللوردات. شهر بايرون العجائبي – و المجنون- بدأ مع دفاعه الغاضب عن العمال. لقد استهل كلامه بهدوء مستعرضا حقائق اقتصادية، و ما لبث أن حلق بخطاب فصيح لاذع. حتى أن بايرون نفسه، الذي لم يفقد جانبه الجورجي اللطيف و التهكمي، استهزأ من خطبته على أساس أنها “تراجيدية نوعا ما”. و يقول مؤرخو سيرته الذاتية أن هذا كان دليلا على أنه لا يملك مستقبلا في السياسة. غير أن خطبته تلك أظهرت قدرات بايرون على الإيماءات الضخمة و البداية المتوهجة و الهرطقة الصادمة. و بعد عدة أيام و كما الصاروخ انطلق عمله كشاعر و نجم أدبي. و بحلول العاشر من آذار، نشر صديقه جون موراي المقطعين الأولين من قصيدة (رحلة النبيل الشاب هارولد) و هي فعليا سيرة بايرون الذاتية التي بدأها عام 1809 . لقد استيقظ بايرون من النوم ليجد نفسه مشهورا لا يملك سوى قصيدة واحدة، و ظفر باهتمام يفوق أحلامه العريضة. و كان البطل المتشرد في القصيدة جذابا، جريئا، متمردا، مثاليا، حزينا ما جعله نموذجا عن البطل الرومانسي الذي لا يعيش في عصره فقط، بل أيضا في عصور لاحقة متجسدا عبر أبطال مثل جيمس دين و تشي غيفارا. لقد عبرت قصيدة (النبيل الشاب هارولد) عن حب خفي للوحدة، وعن خيال و فاقة شديدة، و لم تشهد أوروبا مثيلا لهذه القصيدة.و مع ملاحقة النساء له، تكونت أسطورة الباروني المغوي للنساء، و تمكن الشاعر الذي يحمل ميولا شاذة من الهروب من تلك المشاعر المثلية التي أثرت في صباه. يقول كاتب مسرحية (شعر دموي) أنه يريد تذكير الناس بتقاليد انكلترا الجمهورية المتطرفة، لذا اختار مسرحة أجزاء من حياة الشاعرين الانكليزيين اللورد بايرون و بيرسي بيش شيلي في منفاهما الذاتي في سويسرا و ايطاليا، و إلى جانبهما ماري غودوين التي أضحت فيما بعد زوجة شيلي و عاشقة بايرون كلير كليرمونت. و طالما اعتقد بايرون أنه كاتب سياسي و لكنه هنا ليس كذلك، فالمسرحية ليست قصة سياسية بل هي حول الشعر و الأحلام و المثالية و الحرمان الذاتي. |
|