|
ثقافة أ- الصهيونية ليست اليهودية فماكل يهودي صهيوني وليس كل صهيوني يهودياً لأن اليهودية دين والصهيونية حركة سياسية ركبت موجة استغلال الدين لأغراض سياسية فحولت الدين إلى مطية وثمة أعداد من اليهود هم ضد الصهيونية بعضهم له حضوره الفرقي والذي يرى في المفردات التي تتحدث عن الأماكن الواردة في التوراة في فلسطين... يرى فيها رمزاً صوفياً يقصد به الأعالي التي تنشدها الأرواح في معراجها وثمة من يقاوم الصهيونية من اليهود ولايعترف بها ويراها حركة احتلالية ظالمة. لعل من الأدلة على صدقية مانراه أن معظم قادة الكيان الإسرائيلي البارزين كانوا من الصهاينة الملحدين أو العلمانيين أو الذين لايهتمون بالدين وهم شديدو التعصب ضد العرب ولايتورعون عن استخدام أحط الأساليب والوسائل لتحقيق أهدافهم الاستيطانية. ب- المسيحية الصهيونية وهي تشمل المؤسسات والتنظيمات والأفراد الذين يؤمنون بكل ماورد في التوراة وأن دينهم يفرض عليهم الإيمان بماجاء فيه وهو أمر جديد على المسيحية فقد ظل التوراة مفصولاً عن الإنجيل ولايتلى في الكنائس حتى جاء من جمعهما في كتاب واحد وسوِق هذا الأمر وهذا ماجعل بيغن رئيس وزراء إسرائيل حين قابل كارتر رئيس الولايات المتحدة الأميركية في لحظة بلغ فيها الصراع مع العرب منعطفاً خطيراً... جعله يقدم له نسخة من التوراة مكتوبة بالعبرية وقال له: إذا كنت مسيحياً فعليك أن تؤمن بهذا وبذلك صار شرط أن تكون مسيحياً أن تؤمن بماجاء في التوراة التي ناقشها المختصون بمافيه الكفاية لاسيما ندرة اليازجي وجورجي كنعان وهذا ماشكل حالة من الإحراج لبعض مسيحيي المشرق العربي وخاصة بعد تبرئة اليهود من دم السيد المسيح. ج- الآن نحن على مشارف تشكل جناح صهيوني عرب إسلامي نقول: عرب إسلامي لأن المجتمعات الإسلامية غيرالعربية لاتستطيع أن تلعب مثل هذا الدور بسبب التباعد الجغرافي وبسبب أنهم ليسوا المعنيين الأوائل بهذا الصراع ولأسباب لها علاقة بارتباطات معظم الدول الإسلامية بالغرب، بحكم ظروف متعددة سياسية واقتصادية. هنا نذكر أن بعض قادة الغرب لاسيما في الولايات المتحدة الأميركية كانوا كأفراد من المؤمنين بكل مقولات التوراة ولذا فهم يعتبرون أن دعم إسرائيل هو واجب ديني إضافة إلى الوظيفة التي أنشئت من أجلها ولم ننس بعد كيف كان الرئيس الأميركي ريغان يعمل على تسريع الحرب الموصلة إلى معركة هرمجدون وأياً تكن المسؤوليات الرئاسية فإن الإيمان الشخصي يلعب دوره حتى في دول المؤسسات. إن الحراك الصهيو عرب إسلامي ليس جديداً ولكنه يتخذ الآن مظاهر فيها الكثيرمن الوقاحة والدناسة والعلنية. المعروف تاريخياً وخاصة بعد انكشاف بعض أوراق التاريخ المستورة ولانعرف ماذا ستكشف لنا الصفحات المخفية والتي يمنع الإطلاع عليها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية رغم مرور الزمن الذي يسمح بنشرها... لاندري ماذا ستكشف وإلا فلماذا يمنع نشرها ؟... المعروف أن عدداً من حكام العرب كان ممن تآمر مع الإنكليز لإنشاء الكيان الإسرائيلي ولولا تآمرهم في ذلك الوقت لماتمكنت القوى الغربية من إنشاء هذا الكيان، إذن ثمة من تعاون منذ البداية وثمة من آزرهم وأهم المؤازرين آنذاك عسكرياً وموقعاً شاه إيران وحكام تركيا وهما بلدان سيظلان يلعبان دوراً ملحوظاً في هذا السياق بحكم الجغرافيا والتاريخ. هنا لابد من ملاحظة أن جميع التعاونات العربية التي جرت مع القادة الإسرائيليين ظلت سرية بل وثمة حرص كبير على إخفائها وليس لسبب وطني أو أخلاقي أو قومي عندهم، لا، فالذين يتعاملون مع أعداء الأمة لايقيمون وزناً لهذه المعايير بل بسبب أن غليان الشارع العربي لم يكن يسمح بذلك لاسيما وأن ثمة أوضاعاً غير مطمئنة وخاصة في مصر مابعد ثورة يوليو / تموز 1952 م وفي سورية التي كان فوران الحركة الوطنية القومية فيها قد بلغ ذروة من ذراه التي يحسب لهاألف حساب، إذن كان ثمة صهينة عرب إسلامية في السر وإلا فماذا عن تاريخ الملك عبد الله ملك الأردن وعما كشف عن علاقات حفيده الملك حسين ولانعرف الآن الكثير عن صلاح بعض الممالك والإمارات ولابد أن تكشف ذات يوم لنلاحظ أن فتح مثل هذه الآفاق لم يكن وقفاً على الحكام بل امتدت اليد الصهيونية لإقامة جسور مع تنظيمات حزبية وقوى فئوية في لبنان، الآن نحن أمام معطيات يقول الاستقراء فيها أن الأذرع الصهيونية قد وصلت إلى مساحات جديدة في دول الإمارات وفي مشيخات النفط ولا نعرف الكثير عما يجري في الخفاء في السعودية بسبب طبيعة النظام المتكتمة بيد أن المواقف السياسية المتتابعة منذ كامب ديفيد حتى الآن تقول إنها لاعب أساسي وهذا يعني أن الحلف الذي يمد يده لإنضاج الخبز الصهيوني موجود منذ البدايات وهذا أحد أسباب تعطيل قدرات الجامعة العربية وتشتيتها وتجميدها ومن ثم تفخيخها وإيصالها إلى مرحلة محاربة الموقف المقاوم في سورية. هنا لابد من ملاحظة أن الاختراق الأكبر في مسألة الصراع العربي الإسرائيلي كان عبر كامب ديفيد فقد نجحت عواصم الغرب بالتنسيق مع عواصم عربية وإسلامية في أن يدخل السادات دهاليز تلك الاتفاقية وانجر خلفه فيما بعد فلسطينيون وبخروج مصر الدولة العربية الأكبر وبدعم من شاه إيران بماكانت تمثله من قوة وبمناورة خبيثة من عواصم العرب الضالعة في التآمر عزلت مصر لفترة ثم عاد العرب إليها وظهر فيما ظهر ثقافة الكامب الداعية للتطبيع والمروجة له وللتعقل ولإقامة شرق أوسط جديد يعتمد على المال العربي وعلى الذكاء اليهودي!! لقد فتحت كامب ديفيد أبواباً واسعة للاتصالات وبدلاً من كسر الحاجز النفسي الذي ادعاه السادات كسرت حواجز المقاطعة لاسيما في مشيخات البترول وافتتحت الأبواب للبضائع وللسلع الإسرائيلية وصار يذهب من يذهب سراً أو علناً لزيارة ذلك الكيان للمتعة أو للتعبير عن صداقته وثمة من يمتلكون شققاً فخمة من حكام العفط والنفط في إسرائيل ولم يعد الاجتماع بالصهاينة ممايخشى منه!! في هذه الأثناء كان ثمة حدثان يمكن دمجهما وهو قيام الثورة الإيرانية عام 1979م واندلاع الحرب العراقية الإيرانية وفيها جرى تحويل إيران إلى عدو رقم واحد وتراجع خطر الكيان الإسرائيلي وحققت آثاره من قبل عبركامب ديفيد وماأفرزته من اتصالات وبما اعتادت عليه العين العربية من رؤية للصهاينة والمتصهينين على شاشات الفضائيات الناطقة بالعربية وصار يزور بعض الكتاب العرب تل أبيب خبراً عادياًً معرى من دلالاته العميقة رغم الرفض الجماهيري. وهكذا عبر الكامب ومن خلال تواطؤ الأعراب الذين حولوا الجامعة العربية إجرائياً إلى منبر للإعراض عن الحق العربي وإلى منصة لإعلان فشلها وضرب فكرة المقاومة والتهيئة النفسية والفكرية والمعاملاتية للإقرار بأن الكيان الإسرائيلي حقيقية مدعومة بقوى الغرب المتفوق وأن لاخيارات سوى التسوية بالشروط الإسرائيلية الأميركية وهكذا صار لدينا لوبي صهيوني ممثلاً بدول بعضها يقيم علاقات علنية مع ذلك العدو، وبعضها يقيمها من وراء ستار لايخفي عورة ولم تعد الصهينة وقفاً على مساحات مزروعة في الغرب الاستعماري بل صار لها وجود مضمر في العديد من عواصم العرب، وهو وجود يختلف في بعض مواصفاته عن الصهينة الغربية من حيث التوصيف وقرينه من حيث النتائج ولابد من ملاحظة أن بوابة الهجوم انطلقت من تسعير فتنة مذهبية في لبنان في البداية ثم نقلت إلى سورية بعدئذ لتضرب خيامها في فضاءات الوهابية كمذهب مدعوم من أعراب النفط ولعل المدهش أن نجد كتاباً ومفكرين ممن لاتنقصهم الفطنة يذهبون بأرجلهم للجلوس في صدر تلك الخيمة... |
|