تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاستيطان.. تناغم أمريكي -إسرائيلي

دراسات
الاثنين 8/9/2008
غالب حسن محمد

في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى أشد المواقع والمناطق حساسية في العالم )القوقاز( ولاسيما بعد التطورات الخطيرة في أعقاب المغامرة الكبرى التي قام بها الرئيس الجورجي وذلك بالهجوم على أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الأمر الذي دفع إلى إيقاظ روسيا إثر إحساسها بالخطر الكامن من وراء هذا الهجوم.

في هذه الأوضاع وتداعياتها الخطيرة يفاجئنا الإعلام العالمي الذي نأخذ منه الأخبار كما هي في بعض الأحيان.‏

وكذلك المفردات نفسها مثل وصف المقاومة بالإرهاب, فقد فاجأنا هذا الإعلام عبر وكالات الأنباء )الكبرى( بوجود خلاف بل خلاف )علني( بين الولايات المتحدة الأمريكية والدولة )العبرية( حول أنشطة الاستيطان في الضفة الغربية من الأراضي الفلسطينية المحتلة.‏

والمطلوب إذن أن نصدق وجود مثل هذا الخلاف بين الأم وابنتها الحليفتين الاستراتيجيتين وإذا أمكن أن نتوسط ونلقي بثقلنا لرأب الصدع ومناصرة الدولة الضعيفة المهيضة الجناح )أمريكا( ضد عدوانية )اسرائيل(, القوة العظمى التي تضع القوانين الدولية والحقوق العربية وراء ظهرها منذ عشرات السنين. والخوف كل الخوف أن تقوم تل أبيب باستخدام حق النقض )الفيتو( ضد واشنطن في مجلس الأمن الدولي وأن تقطع عنها أحدث الأسلحة وأشدها تدميراً وفتكاً والتي تزودها بما يزيد عن حاجتها وإلى درجة أن غزو العراق وأفغانستان والضرب المستمر فيهما ما كان له أن يتم بدون الأسلحة الإسرائيلية للولايات المتحدة?..كل هذا يفسر )العجز( الأمريكي في مواجهة )اسرائيل( الكبرى, لذا دأبت واشنطن منذ إنشاء الكيان الصهيوني العنصري إلى ممارسة أثقل الضغوط وأبشعها علينا نحن العرب.‏

ماهذا الهراء الذي يريد منا الأعلام العالمي وصاحبته الولايات المتحدة الأمريكية أن نصدقه?..هل الدولة التي لايكف رئيسها عن التهديد يومياً بمواجهة أي بلد كان بما في ذلك الدولة التي كانت إلى حد قريب تتقاسم معه عرش القمة والدولة التي تنشر )الديمقراطية( بالقذائف والمدافع والسجون واذلال الناس والمدنيين وانتهاك آدمية أبناء العراق وأفغانستان وغيرهم ممن تختطفهم من أي مكان في هذا الكون لاعتقالهم في سجون يندى لها الجبين - جبين البشرية جمعاء, هل دولة بهذه الوحشية عاجزة عن إجبار )اسرائيل( على وقف الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة?‏

ولماذا تجهض هذه الدولة أي محاولة عربية في مجلس الأمن الدولي لإدانة ماتقترفه )اسرائيل( ضد الشعب العربي الفلسطيني والذي نكب آخيراً بانقسام أبنائه? ولماذا أصرت واشنطن وإدارة البيت الأبيض على )تفتيت( الموقف العربي وهو ماتم التنبيه إليه دائماً خصوصاً بعد مؤتمر مدريد )للسلام( عام 1991, حيث أصرت على أن تكون المفاوضات )ثنائية( بحيث تحاول الدولة العبرية افتراس كل طرف عربي وحده ومعزولاً عن بقية الأطراف, خاصة بعد إخراج مصر من معادلة الصراع الصهيوني العربي?!‏

أخيراً إن ترديد أن الآنسة أو السيدة السمراء رايس اختلفت مع نظيرتها السيدة الشقراء الصهيونية بشأن استمرار الاستيطان اليهودي في أراضي الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة, فهذا استهزاء بعقولنا وأكيد أن رايس سمعت رد )ليفني( بأن الاستيطان لايعيق عملية السلام.‏

بل رايس تحث العرب على الإسراع بعملية تطبيع العلاقات مع تل أبيب في ظل كل هذه الممارسات الصهيونية العنصرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية