تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ماذا بعد تورط واشنطن في الأزمة الجورجية?

دراسات
الاثنين 8/9/2008
حكمت العلي

تداعيات الهجوم الجورجي على أوسيتيا الجنوبية وما كشفت عنه أوساط كثيرة عن تورط الولايات المتحدة الأمريكية في دعم هذا الهجوم وتأييده أدى إلى توتير العلاقات الروسية الغربية وبخاصة مع واشنطن إلى حد وصفه كثير من الأوساط بأنه عودة إلى أجواء حرب باردة جديدة

ظهرت علاماتها ودلالاتها الأولى بإعلان المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل بأن جورجيا ستصبح عضواً في حلف شمالي الأطلسي وهو الأمر الذي ترفضه موسكو رفضاً قاطعاً وتعتبره خطاً أحمر لايمكن أن تسمح لأحد بتجاوزه...‏

المحلل السياسي سرغي ماركوف رأى أن روسيا كانت تريد تفادي الحرب التي كان للولايات المتحدة يد فيها مؤكداً ان هدف واشنطن منها هو دفع روسيا إلى رد عسكري.في حين كشفت أوساط أخرى أن النزاع الروسي الجورجي في أوسيتيا الجنوبية نجم عن خطة مبيتة مسبقاً وليس نتيجة لتصاعد التوتر بين الجانبين خلال الأشهر الأخيرة وأن روسيا لم تبدأ الحرب وكانت غير متوقعة بالنسبة لها وانتظرت /14/ ساعة لتقييم الوضع والرد.‏

ولم يكن التدهور الحاصل في العلاقات الروسية الأمريكية وليد المرحلة الآنية والتي تمثلت بالهجوم الجورجي على إقليم أوسيتيا الجنوبية وماتبعه من رد روسي على ذلك.‏

بل إن التوتر الحالي هو محصلة تراكمية للسياسات الأمريكية الساعية لبسط الهيمنة والتفرد على الساحة الدولية ككل وعلى المناطق التي تعتبر بالنسبة لروسيا واقعة ضمن مجالها الإستراتيجي وبخاصة في منطقة البلقان والقوقاز ذات الأهمية الحيوية والارتباطات الايدلوجية والسياسية والفكرية والاجتماعية مع موسكو.‏

الأزمة الحالية ماكانت لتحدث لولا الدعم الأمريكي لها سواء قبل حدوثها أم أثناء تطوراتها المختلفة الأمر الذي شجع تبليسي على اتخاذ خطوة كبيرة على مشارف العملاق الروسي متمثلة بهجوم غير مسبوق لقواتها على إقليم أوسيتيا الجنوبية رغم التحذيرات المتكررة لها من قبل موسكو على ضرورة حل هذا الملف بالطرق السلمية والدعوة لعدم استخدام القوة تطبيقاً للاتفاق الموقع بين الجانبين بهذا الخصوص, التدخلات الأمريكية في هذه المنطقة جعلت من الرد الروسي ذا أهمية حيوية متعلقة بالأمن القومي الروسي.‏

وخاصة بعد أن طالت هذه التدخلات مايسمى الحديقة الخلفية لموسكو من خلال دعم واشنطن لما سمي أيضاً الثورات الملونة في الجمهوريات التي كانت تشكل الاتحاد السوفييتي السابق وبخاصة في جورجيا وأوكرانيا...‏

وشكلت خطوة إعلان إقليم كوسوفو استقلاله عن صربيا بدعم من واشنطن بالرغم من تحذيرات موسكو على خطورة الإقدام على مثل هذه الخطوة على العلاقات الدولية, إسفينا آخر في العلاقات الروسية الأمريكية على طريق زيادة توترها وتشنجها...‏

كما أن الدرع الصاروخية التي تنوي واشنطن نشرها في بعض دول أوروبا الشرقية هي شكل آخر من أشكال الاستهداف الأمريكي لروسيا في هذه المنطقة.‏

ويشكل الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين واشنطن ووارسو والقاضي بنشر أجزاء من الدرع الصاروخية في بولندا تهديداً لم تخف موسكو تأكيدها أنه موجه بشكل مباشر لأمنها وليس ضد دول تضعها واشنطن واجهة لتمرير خططها لغزو العالم من خلال تصنيفها وتوصيفها بأنها مارقة وترعى الإرهاب .‏

موسكو سارعت على لسان الرئيس ديمتري مدفيديف إلى التأكيد على أن هذا الاتفاق في مضمونه, و السرعة التي أنجز فيها, والظروف التي أحاطت بتوقيعه إنما يدل على أن لاعلاقة لهذا المشروع بتهديد الصواريخ الايرانية إنما هو موجه ضد روسيا حيث جاء وسط الأزمة بين روسيا, /ستيفن جونز/خبير الشؤون الروسية والأستاذ بكلية مونت هوليوك ذكر أن الأزمة الحالية هي أشد أزمة تشهدها العلاقات الأمريكية الروسية منذ الحرب الباردة وتأتي قبل أشهر معدودة من ترك بوش منصبه في كانون الثاني 2009 بعد أن تركزت جهود البلدين على مجالات التعاون , وطي صفحة الخلاف بشأن اقتراح واشنطن نشر درع صاروخية في أوروبا, والضغوط الأمريكية من أجل ضم جورجيا لعضوية حلف شمال الأطلسي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية