تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيف نحمي أطفالنا..

مجتمع
الاثنين 8/9/2008
منال السماك

نوبة من الهلع و الخوف و البكاء, انتابت الطفل عيسى ذا الأربع سنوات, منذ مشاهدته لمنظر دوي انفجارات, و جثث مشوهة لأطفال, وقتلى و جرحى على شاشة احدى القنوات الاخبارية, وببراءة الطفولة غير المدركة لما يجري, احتمى بوالدته وبدأ يمطرها بتساؤلاته المذهولة من هول ما رأى..

هل سيحدث لنا مثلهم , و من فعل بهم هكذا, هل سيأتون إلينا , هم بعيدون عن بيتنا و حينا بما فيه الكفاية? فالأطفال عند مشاهدتهم للفضائيات , توجد لديهم خيارات كثيرة, من قنوات تعرض ما يناسب طفولتهم, و لكن من يفرض عليهم مشاهد وصور العنف?‏

بلاشك انهم الاهل وهم يحرصون على متابعة الأحداث المتلاحقة عربياً و عالمياً, من خلال النشرات الاخبارية, والتي لا تخلو من مشاهد عنف واقعي, فيكفي سماع الشريط الاخباري لأي محطة, لمعرفة كم مرة تتردد كلمة مقتل كذا, و انفجار يحصد كذامن القتلى و الجرحى, وليصبح العنف خبزاً يومياً في حياتنا, و هنا يجد الاباء و الأمهات أطفالهم رغماً عنهم يتابعون معهم هذه المشاهد المتدفقة بغزارة.‏

و مع هذا التدفق لمشاهد العنف المتلفز, ترسم علامة استفهام كبيرة حول تأثيراتها المحتملة على هؤلاء الأطفال?!‏

- تنعكس على نفسيته وسلوكه-‏

فعلى الرغم من اجماع المختصين و الباحثين في هذا الصدد, أن لهذه المشاهد أثراً سلبياً على نفسية المشاهد, و كذلك على شخصيته, و خصوصاً الأطفال دون السادسة من العمر, لأنهم في طور تشكل الشخصية, و مع ذلك تصر الكثير من الأسر على متابعة النشرات الأخبارية بوجود أطفالهم على مدار 24 ساعة , غير آبهين بمدى تأثيراتها الخطيرة على نفسيتهم.‏

حول هذا الموضوع أكد د. نزار عيون السود- اختصاصي علم نفس- على هذه الرؤية و مدى الخطورة الناجمة عنها, بقوله: بشكل عام مشاهد‏

العنف المتلفز سواء في البرامج الاخبارية أو الأفلام الكرتونية أو البرامج الأخرى بما فيها أفلام الفيديو, تؤثر تأثيراً كبيراًعلى نفسية الطفل وسلوكه.‏

أما إذا تحدثنا عن العنف الواقعي في البرامج الاخبارية, فأصلاً هذه غير موجهة للأطفال و لم تعد لهم, و ليس من الضروري أن يشاهدها, وفي حال وجود مشاهد دموية, يفضل أن ينبه المذيع إلى ذلك كي يبعد الأهل أطفالهم.‏

- تأثيرات تختلف من طفل لآخر-‏

وعن قوة تأثر مشاهد العنف على الأطفال, يشير د. عيون السود إلى أن التجارب أثبتت أن أشد هذه المشاهد التلفزيونية العنيفة تأثيراً هي أفلام الكرتون. وقد يبدو للبعض في هذا شيئاً من المفارقة, لكن هذه النتائج يؤيدها المنطق العلمي, نظراً لأن أفلام الكرتون معدة خصيصاً للأطفال, و بالتالي هي أشد تأثيراً عليهم.‏

أما بالنسبة للعنف الواقعي المتلفز, فنتائجه تعتمد على عمر الطفل و مصداقية الأهل في توصيل الخبر الصحيح, إن كانوا يقللون من شأن الأحداث أم يهولونها, كما أن الطفل إذا تعرض لجرعات كبيرة من هذه المشاهد, بالتأكيد سيتأثر , وتنعكس على سلوكه فتتبدى بآليات نفسية وردود فعل كالعدوانية و التوتر و العصبية , وأحياناً التقليد لما يرى , ناهيك عن القلق و الخوف ما يؤرقه و يفقده الشهية والتركيز . و تختلف هذه التأثيرات من طفل لآخر , و تبعاً للمشاهد ذاتها, و مدى قربها أو بعدها عن الطفل, سواء من الناحية الجغرافية أو الوطنية و الاجتماعية.‏

كيف نحميهم?‏

ومن أجل تجنيب الطفل هذه التأثيرات و أبعاد ما يشاهده عن طريق المصادفة. ينصح د. عيون السود الأهل بالقيام بعمل دؤوب لشرح هذه المشاهد و الايضاح للطفل, و يفضل الاستعانة بمنظومة القيم, من حيث ربط هذه الأعمال العنيفة بقوى الشر, و ايضاح أن هذا أمر مرفوض, و غير مقبول سواء من الناحية الانسانية أو الاجتماعية أو الوطنية.‏

و على الأب و الأم تخصيص وقت للأسرة, ووقتاً لمتابعة هذه البرامج بعيداً عن الأطفال حرصاعليهم , وأن يمارسا عملاً تربوياً وارشادياً, للتخفيف من هذه الآثار ,و بالتالي استبعاد عواقبها السلبية على نفسية الطفل و سلوكه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية