تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوريد المنقطع

بالقطع السوري
الاثنين 8/9/2008
علي محمود جديد

ليس صحيحاً الاستنتاج أنّ حجم القروض الصناعية خلال العام الماضي يُشير إلى أنَّ هناك تراجعاً في الاهتمام بالصناعة , سواء لجهة إقامة مصانع جديدة , أو توسيع المصانع القائمة , لأنه في الحالتين - حسب الاستنتاج المُسَوَّق - فإنَّ هذه الصناعة تحتاج إلى تسليف من المصارف ..!

ويستشهد أصحاب هذا الرأي , بأنَّ حصة الصناعة والتعدين لم تتجاوز 5% من مجمل التسليفات التي منحتها المصارف خلال العام 2007‏

والأسوأ في هذا الأمر , أنّ أصحاب هذا الرأي يجزمون بأنّ الصناعة متردية , ومتراجعة بمختلف قطاعاتها العام والخاص والمشترك , بمجرد مقياس القروض هذا , غير أننا نعتقد بأنَّ هذا الرأي يذهب بشكل عشوائي إلى مثل هذه النتيجة , فنجاح الصناعة , وتقدمها وتراجعها , لا يُقاسُ بمثل هذه السذاجة , على الرغم من أنّ التسهيلات البنكية والقروض تُساعد بعض الصناعيين , وهذا أمر طبيعي , ولكن أن ترتكز الصناعة كلها على القروض , وتكون هي معيار النجاح والفشل , ومعيار التراجع والتقدم فهذا كثير , ونحن بذلك نُغفل الملاءات المالية للصناعيين والمستثمرين , فمن الطبيعي يمكن لعدد كبير منهم أنْ يستغنوا عن أي قروض , ويكونوا قادرين على تمويل مشاريعهم بأنفسهم , دون اللجوء إلى أي مصرف .‏

إنَّ ما نخشاه هو أن تكون عملية ربط الانتعاش الصناعي - وبالتالي الاقتصادي - بالقروض , لا يعدو كونه أكثر من ترويج لضرورة الحد من القروض الاستهلاكية - أو التي تُسمى زوراً استهلاكية - للإمعان في التضييق على ذوي الدخل المحدود , وتصويرهم بأنَّ القروض التي يحصلون عليها , هي الوريد المنقطع في الاقتصاد المحلي , والذي يُشكل نزيفاً لايمكن تلافيه , إلا بقطع الوريد أو إخضاعه لعملية جراحية , وهو غير منقطع , وتوقعات النزف في غير محلها..!‏

إنّ قروض الدخل المحدود , التي تُطْعَنُ باستهلاكيتها المُفرطة , هي قروض نزيهة وشريفة واستثمارية بامتياز , وهي أكثر القروض تسديداً والتزاماً , وإلا ماذا يعني أنَّ الأقساط المتعثرة عند مصرف التسليف الشعبي لاتتجاوز المليار ونصف المليار ليرة , في حين تصل الأقساط المتعثرة عند المصرف الصناعي وحده إلى أكثر من / 14 / مليار ليرة , وهذا صناعة واستثمار , وذاك دخل محدود ..!‏

إنَّ ضمانات الدخل المحدود أكبر موثوقية من ضمانات أي قرض آخر , ومع هذا فإنّ قروض الدخل المحدود , هي التي يُشَنُّ عليها الحرب باعتبارها تُخرّبُ الاقتصاد , في الوقت الذي يُنْظَرُ فيه إلى القروض المُخربة للإقتصاد .. بأنها دعامته ..!!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية