تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الدور الأميركي في الأزمة الجورجية


أخبار
الاثنين 8/9/2008
محمد خير الجمالي

في ضوء الدور التحريضي الذي اضطلعت به الولايات المتحدة الأميركية في الأزمة الجورجية واتخذ طابع تشجيع جورجيا على استفزاز روسيا وتحدي مصالحها وتهديد مواطنيها في أوسيتيا الجنوبية, يصبح السؤال المهم:

إلى أين يقود هذا الدور السلبي الوضع في منطقة القفقاز وما هي تداعياته المحتملة على العالم والعلاقات بين الغرب والشرق خصوصا وأن ملف شمال الأطلسي وبعض دول الاتحاد الأوروبي, كانت لهم مواقف من الأزمة الجورجية اتسمت بالانحياز لجورجيا والضغط على روسيا في مجاراة للسياسة الأميركية بعيدا عن تحديد الطرف المسؤول عن التصعيد وهو هنا جورجيا بروح موضوعية وموقف الحرص على تطويق أزمة دولية جديدة تزيد في توتير العلاقات الدولية ...?‏

أميركا لم تدخل على خط الأزمة الجورجية بدافع التعاطف مع جورجيا ولا بدافع تطويق مفاعيل هذه الأزمة على أوضاع القوقاز وتاليا على الوضع العالمي الذي لم يكن ينقصه أزمة متفجرة جديدة تضاف لأزمات الشرق الأوسط من افغانستان إلى إيران فالعراق وفلسطين ولبنان والسودان, بل دخلت لتحقيق هدفين استراتيجيين هما: تطويق روسيا لاحتواء دورها المحتمل في إنهاء نظام القطبية الاحادية والدفع نحو نظام دولي متعدد الأقطاب وهي الدولة المرشحة لدور كهذا بحكم وزنها وقوتها ورفضها لعالم تهيمن عليه أميركا, فيما الهدف الثاني هو إحكام سيطرتها على ممرات النفط الدولية وخصوصا نفط بحر قزوين.‏

وقول ديك تشيني من العاصمة الجورجية مؤخرا بأن أميركا ستدعم جورجيا في الأزمة الأخيرة وأن حلف الأطلسي سيستمر في التوسع والعمل على ضم جورجيا إلى عضويته, يكشف أن نزعة التوسع والسيطرة هي التي تحكم الدور الأميركي التحريضي لجورجيا في أزمتها الأخيرة مع روسيا.‏

وعلى هذا فإن السياسة التحريضية التي تتبعها واشنطن على صعيد الأزمة المتفجرة في جورجيا وتضطلع إسرائيل في إطارها بدور تكميلي يقوم على إمداد جورجيا بالسلاح ودفعها للاستهانة بوزن روسيا وتهديد أمنها ومصالحها, ستقود الى خلق بؤرة من التوتر مسرحها القوقاز وتدفع بقوة الى عودة الحرب الباردة من جديد وجعل العالم كله مسرحا لها بكل ما تعنيه من تسميم لأجواء العلاقات الدولية ومنع مناطق التوتر الدولي من استعادة استقرارها وإيجاد الحلول المطلوبة لأزماتها المستعصية.‏

ولئلا يحدث ذلك وتتدنى معه العلاقات الدولية والأوضاع العالمية الى أشد حالاتها سوءا, على العالم أن يكثف جهوده باتجاه إجهاض سياسة التوتير الأميركية الاسرائيلية لأوضاع القوقاز على أرضية فضح استهدافات هذه السياسة والتحذير من أخطارها على الاستقرار الدولي وإسداء النصح لأوروبا والغرب عموما بالابتعاد عنها لمخاطرها الكبيرة على مصالحهما قبل مخاطرها على العالم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية