|
شؤون سياسية فإلى جانب استهداف حركة حماس بهدف القضاء عليها وتغيير الواقع السياسي والعسكري في القطاع، هناك هدف آخر للحرب، وهو السعي لتحويل ملكية آبار الغاز في حقول (غزة مارين 1) و(غزة مارين 2) إلى (إسرائيل)..! ذلك أن إسرائيل تسعى إلى سد فجوةٍ متوقعة في احتياجاتها من الغاز من المُقدر أن تزداد وتتسع بحلول العام 2012 إلى ثلاثة مليارات متر مكعب سنوياً، مع ازدياد طلبها على الغاز الطبيعي إلى /10/ مليارات متر مكعب، مقابل إنتاج لن يتعدى سبعة مليارات متر مكعب. وحتى ذلك الوقت، فإن مصادر تأمين الغاز حالياً لـ(إسرائيل) تنحصر في شركتين (يام ثيتيس) الإسرائيلية - الأميركية التي تستخرج الغاز من حقول مواجهة لساحل المتوسط جنوب (إسرائيل) و(غاز شرق المتوسط) المصرية - الإسرائيلية - الأميركية المشتركة التي تورد الغاز المصري إلى إسرائيل عبر خط العريش - عسقلان. وحسب النشرات العالمية لأخبار البترول والغاز، تجهد (إسرائيل) لتخفيف اعتماداتها على وارداتها من الغاز المصري لسببين مهمين: الأول قيام مصر مؤخراً بالتفاوض من أجل رفع سعر غازها مع الدول المستوردة لهذا الغاز وعلى رأسها (إسرائيل)، والسبب الثاني تزايد الضغوط الشعبية على الحكومة المصرية لوقف تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى (إسرائيل) حتى وصلت إلى درجة رفع دعوى أمام القضاء المصري الإداري من قبل السفير السابق (إبراهيم يسري) وعدد من المحامين. ولكن كيف ستنجح (إسرائيل) في ذلك/ طبعاً بالاستيلاء على ثروات غزة من الغاز الطبيعي. لقد كان الاستثمار والتنقيب مقابل شواطئ غزة ملكاً لشركة (بريتش غاز) التي تعمل بترخيص فلسطيني صادر عن السلطة الفلسطينية منذ العام 1999 وهو ما أتاح لها اكتشاف حقول غزة البحرية من الغاز الطبيعي في العام 2000 بعد حفر بئرين على بعد 36كم من الساحل وعلى عمق 600م تحت سطح البحر، ويقدر احتياطي هذه الحقول بنحو 25 مليار متر مكعب، ما يلبي احتياجات (إسرائيل) من الغاز الطبيعي لمدة 12 عاماً بمعدل الاستهلاك الحالي. آنذاك، قالت الشركة إن القيمة العامة للصفقة تصل إلى أربعة مليارات دولار تجني السلطة الفلسطينية منها نحو مليار دولار مقابل 30? لشركة (سي سي سي) الخاصة و 60? من عوائد الأرباح لشركة (بريتش غاز). ولكن الاكتشاف أثار جشع (إسرائيل) التي لجأت إلى المحكمة العليا الإسرائيلية للالتفاف على الصفقة مطالبة بأحقيتها في الحقول. وفي ظل هذا الوضع انسحبت مجموعة (بريتش غاز) من مفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية لبيعها غاز غزة، وأغلقت مكتبها في (إسرائيل) من 31/12/2008، فيما ستستمر بإدارة رخصة حقل غزة البحري الذي لا تزال تملك 90? من أسهمه. ومن أسباب تعثر المفاوضات أن (شارون) كان يعارض الأمر انطلاقاً من فكرة عدم تمويل السلطة الفلسطينية التي تحصل على حصة من أرباح (بريتش غاز), وما دام القطاع تحت سيطرة حماس وأن (إسرائيل) غير متأكدة من الجهة النهائية التي ستستقر فيها الأموال، وهذه المسألة لم تُحل رغم تدخل رئيس الحكومة البريطانية السابق (بلير) للتوسط بين (إسرائيل) والشركة. وفي شهر حزيران عام 2008، بينما كانت حكومة إسرائيل تضع اللمسات الأخيرة لخطة اجتياح غزة، استؤنفت قنوات الاتصال مع (بريتش غاز) كما أكد موقع إسرائيلي للأعمال الذي أضاف بدوره أن مسؤولي الشركة البريطانية تبلغوا أن جميع الوقائع على الأرض ستزول. وقد ذكرت صحيفة (تايمز) أن حكومة إسرائيل وافقت قبل ثلاثة أسابيع فقط على اقتراح رئيس حكومة (أولمرت) بشراء الغاز من السلطة، إلا أن هناك تساؤلات حول كيفية الدفع للسلطة الفلسطينية، إذ إن (إسرائيل) ترغب في أن يكون الدفع على شكل بضائع وخدمات لا نقداً، وخاصة في ظل وجود حكومة حماس. وتحدثت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية عن مفاوضات بين الجانبين حول استخراج (مشترك) للغاز الطبيعي من خزان الغاز الإسرائيلي (نوعاتسافون)، ومن الخزان الفلسطيني (غزة مارين 3)، فالخزانان يشكلان خزان غاز طبيعي واحداً، جزؤه الشمالي موجود في المنطقة البحرية الإسرائيلية، وجزؤه الجنوبي في المنطقة البحرية الفلسطينية، ويقدر مخزون الخزان المشترك بنحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي. وقالت الصحيفة: إن التعاون سيشمل التنقيب عن الغاز في الجزء الفلسطيني من الخزان، ثم وصل الخزانين بأنبوب لنقل الغاز من الخزان الكبير إلى شاطىء /اشدود/. وإلى جانب محاولات إسرائيل السيطرة الكاملة عن ثروات غزة من الغاز، تطمح إسرائيل إلى أن تصبح معبراً لنقل النفط الخام من القوقاز /اذربيجان وجورجيا/ إلى الشرق الأقصى «الصين واليابان والهند» عبر أنبوب يربط ميناءيها في عسقلان على المتوسط وإيلات على البحر الأحمر بحسب تصريحات شركة إسرائيلية. وهذا المشروع الإسرائيلي يتيح الالتفاف على قناة السويس التي لا يمكن أن تعبرها سوى ناقلات لا تزيد حمولتها على 130 ألف طن وبفضل ذلك ستقوم إسرائيل بدور مركز عبور مهم في سوق الطاقة مع خفض اعتماد العالم على نفط دول الخليج. |
|