تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أساليب الميديا الأميركية المضللة

شؤون سياسية
الأثنين 26-1-2009م
محمد كشك

قال المفكر الأميركي نعوم تشومسكي: إن صورة العالم التي تقدم للجمهور أبعد ما تكون عن الحقيقة،

في حين أن الحقيقة يتم دفنها تحت طبقات من الأكاذيب، وذكر تشومسكي كيف أن أميركا تسيطر على الإعلام وذلك بالإمساك بهراوات فوق رؤوس الإعلاميين، وإذا خرجوا عن الخط فما عليها إلا تحطيم تلك الهراوات فوق رؤوسهم، وفي حالات أخرى يتم اللجوء إلى أساليب (الميديا) التي هي بمثابة الهراوات فوق الرؤوس، والنتيجة واحدة.... ويحدثنا التاريخ الأمريكي أن الرئيس الأمريكي السابق (ايزنهاور) وجه بإنشاء مكتب للشؤون الإفريقية،، وكانت إفريقيا آنذاك ملحقة بكاملها مع حلفاء أمريكا الأوروبيين.‏

أما المداخل الأولى للنفوذ الأميركي فكانت عن طريق المعونات والمنح وأولوية السلام والتنمية إلى أن اكتسبت الولايات المتحدة تأييداً شعبياً كبيراً، كما تدعي الدبلوماسية العامة، ثمة دروس مستفادة من هذه الدبلوماسية العامة يقدمها بعض المشاركين في ندوة بجامعة جنوب كاليفورنيا عقدت مؤخراً ومن هذه الدروس مايلي:‏

- اعرف جيداً القيادات المحلية ذات النفوذ ووجّه نظرك واهتمامك إليها، والأفعال أشد أثراً من الأقوال - وفي إفريقيا خذ وقتك فلا شيء يحدث في وقته ولايوجد إحساس بالوقت وأكثر الأمور تسير في الاتجاه الخاطىء.‏

- أولى الجهات المستهدفة بالدبلوماسية العامة قيادات الدولة ورجالات الحكومة، لاتحاول إقناعهم بتأييد أميركا، ومع ذلك من المهم ألا يعارضوها.‏

- الظهور في محطات التلفزيون والإذاعة والصحف أولوية للعاملين في حكومة الولايات المتحدة فعليهم أن يحصلوا على أي فرصة تسمح لهم لإبراز وجهة نظر الولايات المتحدة عن طريق نشرات الأخبار والتقارير.‏

- تدريب دبلوماسيين أمريكيين على الكلام وتشجيعهم على تعلم اللغات العالمية ولغات الشعوب ويسمح لهؤلاء بمرافقة كبار قادة الحكومة لينتهزوا فرصة الحديث المباشر عبر وسائل الإعلام المحلية.‏

- تطوير استخدامات الانترنت عبر الشات والفيديو وهذا تقرير حديث كتبه «بيتر فيليبس» عنوانه «الرقابة والتعتيم» في الإعلام الأميركي يثبت أن الإعلام الأميركي أهمل قصصاً إخبارية من بينهما أخبار الإبادة الجماعية للسكان في الكونغو بسبب صراع الدول الغربية للسيطرة على الموارد الطبيعية كالماس والنحاس والذهب وأهم من ذلك «الكولئان والنيوبيوم» وهما ضروريان لإنتاج الهواتف المحمولة وغيرها من الالكترونيات الفائقة الأهمية إلى جانب الكوبالت.‏

هذه الصراعات تسببت في وفاة مئات الألوف من الكونغو منذ عام 1996 وحتى الآن!! ومع ذلك لم تحرك الدبلوماسية العامة ساكناً مادامت الأمور تسير كما يريد الأميركيون - كما يتحدث التقرير عن مجموعة لديها أجندة خاصة يسميها «مجموعة الهيمنة الكونية» وهي مجموعة القيادة التي تشترك في هدف التأكيد على القوة العسكرية الأميركية في أنحاء العالم.‏

ويحدد التقرير العوامل الأساسية الداعمة لأجندة الهيمنة الكونية ويبحث في كيفية ارتباط هذه المجموعة بإعلام الشركات الضخمة في الولايات المتحدة ودعم هذا الإعلام لها، كما يكشف الجهات والمؤسسات المستفيدة من سياسات مجموعة الهيمنة الكونية ومنها مثلاً مؤسسة (لوكهيد مارتن) و(هاليبرتون) وغيرهما، ويتناول التقرير الدور الفعال للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة في تشكيل الإعلام وإخماد أي جدل عام ينتقد سياسات مجموعة (الهيمنة الكونية) الخاصة بإسرائيل والشرق الأوسط وذلك ببساطة من خلال تسمية أي معارضة بأنها معادية للسامية، وفي الفصل الأخير يناقش التقرير مسألة التحيز لدى أسوشيتد برس أكبر الوكالات الأميركية التي تنقل التقارير الإخبارية من خلال (242) مكتباً في أنحاء العالم على مدى أربع وعشرين ساعة يومياً وتنقل تقاريرها في (121) بلداً بخمس لغات وتستفيد منها (1700) صحيفة وخمسة آلاف محطة إذاعية وتلفزيونية.‏

ولايخفى أن الاستراتيجية الإعلامية الأميركية أرادت تطويق مستهدفة المنطقة العربية،لأنها تمتلك مخزوناً حضارياً وثقافياً قابلاً لإنتاج نموذج حضاري مناهض للنموذج الغربي وخاصة بعد الفشل السياسي للاحتلال الأميركي في أفغانستان والعراق، لقد تقوت الدعاية الأميركية بشكل لامثيل له عن طريق الانترنت والاتصالات عبر الأقمار الصناعية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية