تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لنلق السيجارة كي لا نقتل من نحب!!

مجتمع
الأثنين 26-1-2009م
محمد عكروش

لم يكن يعرف التدخين، ولم تظهر السيجارة بشكلها الحالي إلا في البرازيل عام 1870 والحرب المعلنة بين أعداء وأنصار التدخين بدأت قبل أن يتأكد الناس من مضار التبغ الصحية وحسم المعركة لصالح اعداء السيجارة..

أما اليوم فقد كثرت الدراسات حول مضار التبغ لجلساء المدخنين والذين نسميهم (سلبيون.)..‏

60 مادة مسرطنة‏

على من يطلق هذا المصطلح، هذا ما قاله الدكتور نعيم شحرور اختصاصي بالأمراض الداخلية والصدرية يطلق التدخين السلبي أو التدخين اللاإرادي على الناس الذين لا يدخنون ولكن يتعرضون بشكل يومي للمواد المنبعثة من السجائر في البيت أو العمل. وأكد أيضا على أنه يوجد في السيجارة حوالي 4000مادة كيميائية على شكل غازات لا توجد فقط في الدخان الذي يستنشقه المدخن، بل أيضا في الجزء المزفور وفي نواتج احتراق السيجارة أهمها النيكوتين، أول اكسيد الكربون، الأمونيا، وأكثر من 60 مادة مسرطنة.‏

أعراض وتأثيرات‏

وعن الأعراض الأولى التي يشعر بها غير المدخن عند تعرضه لأبخرة السجائر أردف بالقول هي حرقان العين، السعال، الغثيان، الدوار، حرقان بالحلق.‏

وعن التأثيرات طويلة الأمد؟‏

بداية يسبب الربو، وهؤلاء المدخنون السلبيون معرضون للإصابة بخمسة أضعاف المعدل الاعتيادي، كما ويشعرون بضيق نفس ليلي، وأثره بمرضى القلب إذ يزيد بنسبة كبيرة، كما أنه يقلل من قدرة المرأة على الانجاب وهذا ما كشفته دراسة في جامعة بريستول على 8500 من الأزواج الذين تعرضو لتدخين سلبي أثناء العمل أن 14? من النساء أصبحن أقل قدرة على الحمل، وإذا كان الزوج يدخن أكثر من 20 سيجارة أن نسبة تأخر الحمل ترتفع إلى 34?، ناهيك عن تأثره على خطر اصابة الأطفال بالتهاب الأذن الوسطى بنسبة تصل إلى 44? وبدوره هناك تأثير آخر على الأطفال من انخفاض في القدرات الذهنية والادراكية، وبينت الدراسات أيضا أن الموظفين الذين يتعرضون للتدخين السلبي ينقطعون عن العمل لأسباب صحية أكثر من أقرانهم حيث يكون التدخين ممنوعا.‏

هذا كله يطلق على ما يسمى بالتدخين السلبي فماذا عن الذين يدخنون من شباب ونساء وأمهات لأطفال....‏

يشعر بالارتياح رغم مضارها‏

وعن تعابير ما تعني لهم السيجارة ولماذا لا يتركونها ممن التقيناهم يقول سالم: لا يود ترك السجائر لأنه تعود عليها وهو يشعر بارتياح عند تناوله للسجائر رغم أنه يعلم بمضارها. أما مهند فهو قد عمل على تركه لكنه فشل وسيحاول مرة أخرى لاقتناعه بأن التدخين ضار بالصحة، ويقول زميله محمد بأنه يتمنى أن يترك السجائر وقد حاول لكنه فشل ويشاركه الرأي ظافر في عدم استطاعته ترك السجائر بينما بعض الشباب وجدوا فيها جو الحرية وبرهانا على رجولتهم...‏

وإن بعض الأمهات والفتيات بل معظمهمن يدركن المخاطر المحتملة للتدخين، واللواتي يعتقدن أنه مسؤول عن حالات كثيرة، غير أنهن يعجزن عن الإقلاع عنه لأسباب لم تكن محددة بوضوح.‏

سموم تخرب الجسد‏

وحتى لا يتحول التدخين في بادىء الأمر بسحبة واحدة لإثبات الرجولة أو التمتع بها في لحظة فرح أو الإدمان عليها لمجرد الارتياح في حالة غضب ثم ما تلبث أن تتحول إلى سموم قاتلة تخرب الجسد والعقل..‏

وهنالك 4 ملايين شخص يموتون سنويا نتيجة للمشكلات الصحية الناتجة عن استخدام التبغ ويتوقع أن يقفز معدل الاصابات المشخصة بمرض السرطان إلى 27 مليون إنسان على مستوى العالم بحلول العام 2030 ويرجح أن تتركز النسبة الأكبر من الإصابات في دول العالم النامي والفقيرة ويكون اجمالي عدد المصابين قد بلغ 75 مليونا مع وفيات سنوية تبلغ سبعة ملايين شخص. هذا ما توقعته الوكالة التابعة لمنظمة الصحة العالمية‏

ولذلك عندما يموت 4 ملايين شخص في كل عام هذا يعني أن الشركات تفقد 4ملايين مستهلك فكيف يعوضون هذا الفاقد؟ لابد أن يعملوا على استقطاب الأطفال أي مغنطتهم بالنيكوتين من خلال الحلوى التي تصنع أحيانا على شكل سجائر وحمالة المفاتيح وكذلك السيجارة المصطنعة البلاستيكية وفيها ليزر على أنها حقيقية وكذلك الترويج من خلال الأفلام والمسلسلات حيث تقوم هذه الشركات بدفع مبالغ طائلة لكي يقوم بطلها بتدخين نوع معين من السجائر.‏

كما أنه هناك تحذير جديد يوجهه أطباء القلب لمدمني التدخين فقد أكدوا أن الأضرار التي تصيب الأوعية الدموية في القلب قد تجعل المدخنين عرضة للأزمات القلبية الحادة في حالة تعرضهم للضغوط أو التوتر النفسي حتى ولو كانت شرايينهم التاجية سليمة مما يؤدي إلى تمددها حتى تسمح بتدفق كميات إضافية من الدم إلى القلب.‏

لماذا لانتوقف عن التدخين؟‏

فلماذا لا يكون التدخين السلبي سلاحا للحد من انتشار التدخين ففي مجتمعنا إذا عرف الأب مضار التدخين السلبي فمن البديهي أن يرفض عريسا مدخنا لابنته فهو ليس بحاجة لأحفاد مرضى، أو أن يعرض ابنته للطلاق بسبب تأخر الانجاب ومن البديهي أن يمنع صاحب العمل في شركته التدخين إذا عرف ان الاجازات المرضية سوف تزداد لدى المدخنين وجيرانهم فلماذا لانتوقف عن التدخين إذاكنا نريد أبناء أذكياء وناجحين وكفانا قول المصطفى (ص):(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) عندها يجب أن نلقي السيجارة لكي لا نقتل من نحب. لذلك لابد من برنامج علاجي وقائي للإقلاع عن التدخين على المستويات كافة وخاصة التي يرتادها الشباب والفتيات وأن تتضمن المناهج مختلف الرسائل الصحية والاجتماعية المتعلقة بأضرار التدخين وتعاطي مختلف أنواع التبغ ولا سيما النرجيلة التي أصبحت في متناول كثير من فتياتنا وفي الأماكن العامة للأسف.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية