|
آراء والصورة التي دأبت الصهيونية على رسمها في الغرب والعالم، وضخّمها الإعلام الصهيوني أو من يواليه، أن محتلي فلسطين هم حمْلانٌ وديعةٌ يعتدي عليهم العربُ عموماً وعربُ فلسطين خصوصاً، ويفتكون بهم بصورة وحشية وبعباءة من إرهاب!. ..هذه الصورة سقطت اليوم وظهرت الأنياب الصهيونية على حقيقتها، وتعدّى إرهابُها حدود اللامعقول وحدود الإنسانية بعامة. وسقطت والعالم كلّه شَاهَدَ في الفضائيات وعبر المراسلين: السُّمَّ والوحشية التي لا تصدق. يوماً إثر يوم تتكشف نتائج جديدة للمجزرة الصهيونية على الصعيدين العسكري والسياسي، ويحقق السكان العزل في غزة منتهى آيات الثبات، وأكثر صور المقاومة رسوخاً.. فتقاوم أشلاؤهم كل الغطرسة الصهيونية، وتثبت أن التشبث بالأرض هو طريق النصر. انتصرت غزة المقاومة وبوش الابن يغادر البيت الأبيض إلى غير رجعة: إلى تكساس التي عرفت أشرس ما قام به (الرجل الأبيض - الكاوبوي) من قتل وحرق وتدمير. لم تكن السنوات الثماني التي رزح العالم فيها تحت رحمة هذا المجنون، وتحت الحرائق والدمار التي تسبب بها فأساء إلى الإنسانية أيما إساءة... وهو بغطرسته يستطيع أن يطمئن إلى أن أبرز ضحاياها هم الأطفال الصغار الذين لم يتح لهم أن يتعرفوا على شيء من هذه الدنيا.. ومع ذلك فقد انتصرت دماء الأطفال على الوحشية والهمجية. هل سيذكر التاريخ جورج بوش الابن؟.. نعم سيذكره بقوة كأكثر رجال العالم استباحة لبراءة الأطفال.. وكأكثر الرجال وحشية وولعاً بالدماء وأشلاء الأبرياء.. سيذكره كأبرز رجل في الأرض قاد العالم إلى مذابح ومجازر فكان الأطفال الصغار والنساء والشيوخ هم أبطال مسرحيته التي غادرها قبل أن ينهيها، فخلف من الدمار مالم يرتكبه سفاح ممن عرفهم العالم. لقد عودنا التاريخ والتاريخ الأميركي بالتخصيص أن الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ القديم كانت ضدنا وضد قضايانا.. وكانت انحيازاً واضحاً للصهيونية وفظائعها.. لقد تكلموا حتى تعبوا، عن النازية... لكنهم تجاهلوا ما فعله الرؤساء الأميركيون في العالم: ابتداء من فيتنام وحتى جرائمهم في فلسطين وجنوب لبنان والعراق وأفغانستان وسواها من بقاع العالم التي شهدت من الوحشية الأميركية ما يعجز عنه كل تاريخ الوحوش في العالم. ذهب بوش الابن ملعوناً من شعبه وكافة شعوب العالم، تقطر من بين أصابعه دماء الأبرياء ويحفل تاريخه المخجل بكل ما هو خسيس وبكل ما هو ضد الإنسانية حتى إنه في لحظات وداعه «رغم تلويحه المزعوم للمواطنين» لم يتقدم منه أميركي واحد ويقول له وداعاً.. بل كان الابتسام يغطي وجوه سكان أميركا والعالم سروراً من اندثاره إلى غير رجعة! من المضحك حقاً اعتذاره المخجل للعراقيين لأنه بنى مواقفه ومواقف دولته على معلومات كاذبة!! وهو يعرف حتماً أن اعتذاره غير مقبول حتى من عملائه في العراق... اعتذر وأين؟ في بغداد... وهل يكفي هذا الاعتذار للتكفير عن جرائمه بحق السكان الأبرياء، وعن ما فعله جنوده الهمجيون في لحظات «انشـراحهم!» من قتل المدنيين العراقيين وتدمير بلادهم... والتسلي بإطلاق النار على أي عراقي أعزل وعابر سبيل. ذهبت إدارة وجاءت إدارة جديدة ونحن العرب لافرق عندنا لأن التلويح بأمن الصهاينة وضمان تفوقهم العسكري قد بدأت تلاويحه منذ فوز أوباما بالانتخابات.. لذلك ليس على العرب أن ينتظروا خيراً من هذا الرئيس الأميركي أو ذاك لأنهم منحازون سلفاً للصهاينة!! لقد عول الكثيرون من العرب على مجيء أوباما ظناً منهم أنه سيكون موضوعياً فيقف إلى جانب قضايانا..ويالكثرة ماقالوا عنه: هذا رئيس من أصل إفريقي ومسلم أيضاً ولذا لابدّ أن ينظر إلينا بعين المودّة والتعاطف..لكنّ التاريخ يدفعنا إلى القول: لاتنتظروا منه الكثير مادام قد لبس القلنسوة الصهيونية قبل فوزه بالرئاسة!!..إنه كغيره من الرؤساء أحاط نفسه في البيت الأبيض ببطانة من الصهاينة منذ الخطوة الأولى! فماذا تنتظرون منه؟! إن من أكبر مصائب العرب أنهم يعتمدون على غيرهم ليردّوا لهم حقوقهم أو ليعادوا الصهيونية أو ينصروهم عليها.. إن الحقيقة تقول جهاراً مالم تدافعوا أنتم عن حقوقكم فلن تعود إليكم.. مالم تتوحّدوا «ولو بالمواقف على أقل تقدير» وتقفوا مواقف الرجال كما في التاريخ العربي الغابر فلن يعبِّركم أحدٌ ولن يحترمكم مالم تفرضوا احترامكم عليه. إن لديكم من الأسلحة الفعالة الشيء الكثير، فلكم تعداد بشري هائل وسويةٌ من العلم والمعرفة غير قليلة وإمكانات اقتصادية هائلة أيضاً ليس أولها البترول والمعادن والزراعة..فماذا ينقصكم لتكونوا يداً واحدة تستردون حقوقكم بشجاعتكم وإقدامكم وبمعرفة كيفية استثمار الامكانات الجبارة الموجودة لديكم. لقد علمنا التاريخ أن الوصول إلى الحق لا يكون بالبكاء والتراخي والترجي والتوسل!! لأن الدنيا «لا تؤخذ إلا غلابا».. إنه لمن الإساءة لكل إنسان عربي أن تتحول جموعنا إلى قطيع لا تهمه قضاياه بل يتحول إلى خدم عند الغازي والجلاد! ذهب بوش وجاء أوباما والحقوق العربية لا تعديل في المواقف منها..وسيأتي رؤساء أميركيون آخرون والحال على ما هي عليه..وما لم يأخذ العرب حقوقهم باتحادهم وقوتهم، فلن يحصلوا على شيء إلا بشروط وتنازلات مهينة تسيء إلى الكرامة العربية..فمتى ستصحون أيها النائمون أكثر من أهل الكهف..إن يقظتكم ضرورية أكثر من سعيكم إلى تحجيم غزة وانتصارها بالبحث عن مراقبة المعابر والأنفاق لتحرّموا استمرار وجودها والحفاظ على ذلك الانتصار. |
|