تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ازدواجية المعايير الأميركية

شؤون سياسية
الثلاثاء 4-12-2012
 د. أحمد نزار الوادي

تكمن السياسة الأمريكية في افتعال الثورات الملونة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما في ذلك تمويل وتسليح الأصوليين التكفيريين وكان من احدى نتائجها زيادة كبيرة

في مجموعات الإرهابيين الأصوليين المدربين بشكل جيد على مختلف صنوف القتال ومستعدين لتنفيذ أي مهمة مهما كانت في نوعها ومكانها , وخير مثال على ذلك هو سورية التي تحارب حالياً الآلاف من المقاتلين الإرهابيين التكفيريين الذين قدموا إليها من اليمن ولبنان والأردن والعراق ومصر والسودان والمملكة العربية السعودية وأفغانستان وغيرها بتوجيه من أمريكا والدول الغربية على التخلص من هؤلاء التكفيريين الأصوليين المتواجدين في دول الربيع العربي عن طريق إبعادهم عنها وإرسالهم إلى سورية على اعتبار أن سورية لا تعمل على حماية المصالح الأمريكية على عكس تلك الدول التي تعمل على تنفيذ الأجندات السياسية الأمريكية بدون قيد أو شرط والتي قام ما يسمى بالربيع العربي بحماية أنظمتها, فالتخريب والقتل والدمار الذي تعيشه الساحة السورية نتيجة للأعمال الارهابية للعصابات المسلحة يؤكد أن ما يجري هو ربيع أطلسي يستهدف ضرب الأمة بكافة شعوبها وتركيعها لسنوات طويلة قادمة تنفذ خلالها واشنطن بالتنسيق مع إسرائيل وحلفائهما ترتيبات جديدة للمنطقة بدعم تركي وتمويل سعودي - قطري .‏‏

حيث يؤكد الخبراء صحة تحذيراتهم منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي من أن إسقاط الأنظمة الحليفة لأمريكا ستنعكس إيجابياً لمصلحة الأصوليين رغم معرفة إدارة أوباما منذ البداية أن الاصوليين لايمتلكون برامج وخطط لإدارة مرحلة مابعد اسقاط هذه الأنظمة وأنهم سيكونون مضطرين للهاث وراء أمريكا كي تدعمهم معتقدة أمريكا بذلك أنها حققت هدفا مهماً بإثباتها للعالم أن الخط الاصولي ليس بديلا عن الهيمنة الأمريكية وإنما جزء منها وبالتالي فإن حسابات الإدارة الأمريكية والمتعلقة بمساعدة واشنطن للأصوليين بهدف ضمان امتثالها لتلبية المصالح الأمريكية كانت غير صحيحة وهو ما تمثل من خلال فشل ما يسمى بمجلس اسطنبول الذي أصدرت شهادة وفاته وزيرة الخارجية الأمريكية والذي قدمت له كل من أمريكا وفرنسا وتركيا وقطر والسعودية الدعم والإمكانيات إلا أن الخلافات ازدادت داخل المجلس نتيجة دعم قطر للإخوان المسلمين الأعضاء داخله وقيام البعض الآخر باختلاس أمواله .‏‏‏

وبالتالي فإن سياسة أمريكا وحلفائها المبنية على دعم ما يسمى المجلس الوطني يؤدي لدعم الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط ككل وزيادة الأصوليين فيها إضافة إلى قيام ذلك المجلس على تنفيذ الأجندات التي يتلقاها من أمريكا وحلفائها وتظهر تصرفاته بوضوح من خلال رعايته ودعمه للعصابات المسلحة والإرهابيين .‏‏‏

حيث أكدت وزيرة الخارجية الامريكية عدم صلاحية هذا المجلس نظراً لعدم قدرته على القيام بما أملته عليه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بعد أن زرعوا آمالهم فيه وأخطؤوا الحسابات في مسألة حسم الامور بالقوة المسلحة لذلك تم اختيار الدوحة مقراً للمعارضات المختارة لتتمثل فيه , ووصاية آل ثاني عليه وتوضحت النيات فيه من خلال ما صدر عن اجتماعات الدوحة من مكونات سياسية بتوجيه وإملاءات غربية عربية حيث تم توسيع مجلس اسطنبول وتشكيل ما يسمى بمجلس إئتلاف المعارضة الذي لا يمثل حتى نفسه حيث ولد في عمليات قيصرية أشرفت عليه مشيخات النفط وتركيا والغرب وهو ما يشير بوضوح إلى تهافت ما يسمى بالمعارضة السورية على تنفيذ الرغبات الأمريكية مما يؤكد عمالة وإرتهان مجلس الدوحة الجديد للإدارة الأمريكية ومدى اشتراك قطر وتركيا في تنفيذ المؤامرة ضد سورية وسعيهم لتضليل الرأي العام واستدراج التدخل الخارجي في شؤونها .‏‏‏

فالقراءة الأولية للأوضاع السياسية في المنطقة تشير إلى أن الإدارة الأميركية وبالتضامن والمشاركة مع اسرائيل تعمل على العبث بمعادلة الصراع بما يؤمن فرض شروطها وهيمنتها على الأمة العربية وقد باشرت بتنفيذ استراتيجيتها منذ احتلالها للعراق وتفتيت الصومال والسودان وتدمير ليبيا وخلق الفتنة في عدد من الدول العربية بهدف مصادرة استقلالية دول المنطقة وتجزئتها إلى كيانات ضعيفة ترسّخ الهيمنة للكيان الاسرائيلي وحماية المصالح الأميركية في المنطقة وقد وجدت اسرائيل نفسها في موقف متناسق مع الأنظمة الخليجية والغربية والأمريكية وإلى حد كبير مع تنظيم القاعدة بهدف تقسيم الوطن العربي عبر صراعات طائفية وإثنية وقبلية وإقليمية بحيث تصبح القضية الفلسطينية قضية ثانوية، فالسعودية مثلاً أرسلت جنوداً للمشاركة في استخدام القوة المفرطة لقمع الاحتجاجات في البحرين وأبادت اسرائيل شعباً كاملاً في غزة ولم يظهر دفاع السعودية ومجلس التعاون الخليجي وأميركا والغرب عن حقوق الإنسان في غزة، إلا أن السعودية وقطر ودول مجلس التعاون الخليجي وأميركا والغرب يتدخلون للدفاع عن المجموعات المسلحة في سورية حيث تعمل كل من قطر والسعودية وتركيا على تمويل المجموعات المسلحة ومدّها بالمال والسلاح حيث أكدت صحيفة التايمز البريطانية قيام السعودية وقطر بتقديم الدعم المالي للمجموعات الإرهابية المسلحة في سورية لشراء أسلحة فائقة التطور من أوروبا وإسرائيل فممالك ومشيخات الخليج تتشدق بالديمقراطية في حين لا وجود لأي ديمقراطية فيها وخاصة قطر علماً بأن الغرب يعمل على رفع رايات الديمقراطية في المنطقة لقاء أموال هذه المماليك والمشيخات وهذا يشكل نفاقاً وسخريةً , كما أن سياسة البيت الأبيض تجاه المنطقة بشكل عام وتجاه دمشق بشكل خاص تثير جدلاً وتناقضاً وازدواجية في المعايير فهي تعمل على زيادة الضغط على سورية تجاه الأحداث القائمة فيها وفي نفس الوقت توفر الدعم الكامل لدول مجلس التعاون الخليجي الموالين لها خاصة وأن واشنطن تتخذ خطوات عملية لمنع تكرار حدوث اضطرابات في دول مجلس التعاون الخليجي منوهين إلى أن الحصار الاقتصادي المفروض على إيران وسورية هدفه تقديم تنازلات بشأن البرنامج النووي الإيراني وبالتالي إنقاذ الولايات المتحدة من ضرورة القيام بعمل عسكري لحماية إسرائيل من خطر طهران وفق وجهة نظر أميركا لذلك تعمل واشنطن على افتعال «الثورات» ودعمها في العالم العربي, بهدف حماية المصالح الأمريكية ومصالح إسرائيل معها .‏‏‏

ويؤكد الخبراء أن موجة الثورات ستنتهي في قطر التي نصبت نفسها لقيادة الثورات العربية بإيعاز من أميركا مقابل أن تضمن أميركا المحافظة على النظام القطري إلا ان هذه الثورات ستحرق قطر بنيرانها وستبقى سورية وحدها بشعبها وبقيادة رئيسها القائد بشار الأسد في طليعة قوى المقاومة والممانعة القادرة على إفشال المخططات الأميركية والفرنسية والخليجية الهادفة لتقسيم المنطقة وإلحاق الهزيمة بها من خلال سلاحنا الأمضى وهو التلاحم بين الشعب والجيش والقائد .‏ وهذا مايحقق نبوءة هوغو تشافيز قبل عام بان العالم بدأ يتغير لأن سورية تنتصر....‏‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية