|
ثقافة إنه أداء فرط الإمكانات المادية مع تواضع الإنتاج الثقافي. وبحكم ما ألحقت التكنولوجيا من إمكانات كبيرة يمكن توظيفها لصالح الإنتاج الثقافي ولاسيما المعاصر منه “دراما.. سينما...طباعة حديثة..الخ” وتوزيعه، تأثرت الثقافة العربية كثيراً بضخامة الإمكانات المادية الخليجية وقدرتها الكبيرة على استيراد التقنيات ومظاهر العرض و الاستعراض الثقافي. و وصلت الأمور إلى حد الاستقطاب الخليجي لتوجهات الفن والثقافة في الوطن العربي!. المنتج .. المخرج .. الناشر .. والكاتب أيضاً والفنان كلهم جميعاً وإن بنسب متفاوتة يقدمون المنتج الثقافي وعينهم على ما يريده الخليج بمعارضه وجوائزه ومهرجاناته؟!. بودي هنا أن أشير لنقطتين : أولاً- لم يحصل ذلك بفعل غزو رغبات الخليج لبقاع الوطن الكبير محتضن الثقافة العربية، بل بفعل غزو رغباتنا، إلى درجة الهجرة شبه الكاملة للخليج. وساهم في الأمر كثيراً تراجع الواقع العربي اقتصادياً و سياسياً وبالتالي ثقافياً، وربما أولاً ثقافياً. ثانياً- لا يعني ذلك أبداً إنكار المساهمات الخليجية الفعلية في دعم إنتاج وتوزيع الثقافة العربية، حيث أمنت أموال الخليج تسويقاً مجزياً للمنتج الثقافي العربي، إنما على المزاج الخليجي، و ساهمت في تسهيل التواصل بين أطراف الثقافة العربية وبين المتلقي العربي والثقافات العالمية. لكن بالرغم من ذلك فقد اتجه فائض الأموال الخليجية بالمنتج الثقافي العربي اتجاه... المحافظة و التسليع والمظاهر. لقد قدر لي يوماً أن أتلقى دعوة لحضور مهرجان سينمائي كبير في مدينة الدوحة القطرية أواخر العام 2010 وشاركت أكثر من مرة حضوراً ومنافساً و محكماً في منتدى نادي الصحافة بدبي و توزيع جائزة الصحافة العربية، والمذهل فيهما معاً هو البذخ المفرط ولاسيما في مهرجان الدوحة السينمائية حيث اكتفى بالبذخ، في حين يؤدي لقاء نادي دبي للصحافة دوراً طيباً على الإعلاميين العرب. لكن هذا الأسلوب ليس أبداً مقتصراً على الخليج بل نحن متأثرون به كثيراً بإمكانات مادية أقل بشكل طبيعي. و بالمقارنة النسبية نقترب بالهدر مما يجري هناك، وأيضاً اقتربنا في أحيان كثيرة من كوننا نقيم مهرجاناً سينمائياً أو غيره بغض النظر عن واقع الإنتاج عندنا؟ فننفق الكثير على مهرجان عديم الجدوى تقريباً، في حين لا نجد ما ننفقه على إنتاج فيلم أو تمويل مسرحية. بيننا وبين الخليج أننا نملك إمكانية الفعل الثقافي ونفتقد نسبياً الحامل المادي، وفي الخليج يفتقدون نسبياً الفعل ويملكون كلياً الحوامل المادية. ذلك أدى لانصياع منتجنا الثقافي المعاصر للشروط الخليجية التي استطاعت أن تحقق تحولاً في المزاج الثقافي العربي لنصبح أقل شعوب العالم استهلاكاً للكتاب- و لا ننكر هنا مساهمة الخليج بطباعة وتوزيع الكتاب العربي على المزاج الخليجي- وأكثر شعوب العالم متابعة لبرامج، الحزازير والمسابقات و قراءة الأبراج. و اليوم إذ نقف مشدوهين أمام قرار إدارة مهرجان دبي السينمائي باستبعاد الأفلام السورية من المهرجان، يجب أن نتذكر أنهم في يوم ما كانوا يرجون حضورنا، وباندفاعنا إلى هناك ولو على حساب الشروط الفنية والثقافية، أصبحوا –وبكل أسف- يمنعوننا من الحضور من بعد دعوتنا؟! إساءة كبيرة للفنان والمثقف السوري أوصلنا لها موقفنا قبل موقف غيرنا؟! وبكل الأحوال ليست دبي ولا أي مدينة في الخليج عاصمة السينما، ولن تكون، لكن ...لا أعتقد أن الظرف الراهن يعطيني الفرصة للتذكير بالمسيرة التراجعية للسينما والمسرح والكتاب في وطننا ودورنا نحن في As.abboud@gmai.com">ذلك. As.abboud@gmai.com |
|