تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ما بعد أميركا...؟

لبنان
معاً على الطريق
الأربعاء 6-1-2010م
نبيه البرجي

بول وولفويتز يخشى أن تتوقف الكرة الارضية عن الدوران حول مانهاتن، لكنه يرى، ودون أن تستغربوا، أن الخلل هو في الكرة الارضية لا في الامبراطورية، حتى ولو دعا مايكل مور لإعادة تمثال الحرية، داخل تابوت،

إلى فرنسا، ليس فقط لانتفاء الحاجة إليه وانما« لأننا لاحقنا الحرية، وبأسنان رعاة البقر، في سائر أصقاع الدنيا».‏

وولفويتز الذي كان كبير منظري الشرق الاوسط الكبير لم يقرأ ولا يرغب في أن يقرأ، ما كتبه جوزف ستيغلتز، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، عن الشحوب المرضي، ولعله شحوب الموتى، داخل الاقاليم الثلاثة للولايات المتحدة( البنتاغون، وول ستريت، هوليوود).‏

كما أنه لا يريد أن يعترف بأن ما يحصل في هذا العالم من فوضى استراتيجية، وفوضى مناخية، وفوضى عقائدية، وحتى فوضى سوسيولوجية، ناتج في معظمه عن الطريقة التي حاولت واشنطن ادارة البشرية(ونقول«البشرية» عمداً) بها بعدما انهارت كلياً معادلة يالطا، ولم يعد هناك سوى قطب واحد، ويحمل الصولجان المقدس، في هذا العالم....‏

بيد أن كل شيء الآن يثبت أن الامبراطورية الى تقهقهر اضافي، وهذا ليس استنتاجاً رومانسياً أو أنه من قبيل التمني، فثمة واقع آخر يتشكل، ودون أن يدري أحد ما هي تداعيات تلك التفاعلات الثقافية والسياسية والاقتصادية التي تحدث الآن، وسواء في الضوء العميق أم في الظل العميق، وإذا كان مصطلح« الواقعية الاشتراكية» قد شاع ذات يوم، فإن ستيغلتز يستخدم مصطلح« الواقعية الرأسمالية» ليصل الى هذه النتيجة الدراماتيكية« دخولنافي.... الشيخوخة الاخيرة».‏

إذاً، وبمنأى عن أي ذاتية، فإن مناطق مختلفة من الكوكب، ويقال الكوكب الأزرق، بدأت بإعادة ترتيب اوضاعها الجيوسياسية والجيو اقتصادية للولوج الى حقبة ما بعد اميركا، وتجنب ، قدر المستطاع انعكاسات تقهقر القطب الواحد، وهو يتحول شيئاً فشيئاً إلى شظايا استراتيجية حائرة.‏

مرة أخرى، وبمنأى عن أي ذاتية، فقد كان الرئيس بشار الأسد أول من استشرف آفاق الحقبة المقبلة، وراح يعد لتطوير المفاهيم، والمعايير، والرؤى، التي تحكم الشرق الأوسط بقياساته المختلفة، وصولاً إلى منظومة ديناميكية، ومتماسكة، وقادرة على المواجهة...‏

ثمة من تجاوب، وثمة من يتجاوب ببطء، وثمة من لا يزال عالقاً بعقارب الساعة وهي تدور إلى الوراء بل إلى وراء الوراء لكن الباب لم يعد موصداً...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية