تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القارة السمراء تئن .. فمن يصغي؟

لوموند
ترجمة
الثلاثاء 4-9-2012
ترجمة: سهيلة حمامة

مسؤولو إغاثة دوليون كانوا أعلنوا مؤخراً بأن المجاعة في القارة السمراء سوف تتسع رقعتها بشكل مخيف في حال توقف المطر عن الهطل في تشرين الثاني المقبل

ففي الصومال يتنامى عدد ضحايا الجفاف والجوع والفارين باتجاه أثيوبيا ومقديشو ليصل إلى 200،000 شخص فضلاً عن شح المساعدات الغذائية الدولية بسبب شح أيدي المانحين وتردي الوضع الأمني في بعض أقاليم القارة مايبعث القلق الشديد في النفوس والتحسب من وقوع كارثة إنسانية حقيقية ولاسيما أن لجنة الاعتمادات بمجلس النواب الأميركي كان اقترح مؤخراً خفض التمويل للوكالة الأميركية للتنمية الدولية في عام 2012 بمقدار 488 مليون دولار مما كان عليه الأمر في العام الفائت.‏

كما ولم يعد بمقدور وكالات الاغاثة الدولية النفاذ إلى جنوبي الصومال بهدف رعاية أكثر من مليوني شخص متواجدين في المناطق الأكثر تضرراً بالمجاعة وذلك بسبب العرقلة التي تسببها حركة الشباب الإسلامية المتمردة على الحكومة حيث تدعي الحركة بأن تلك الوكالات معادية للإسلام.‏

لاشك بأن التغير المناخي ساهم إلى حد كبير في ظاهرة المجاعة الخطيرة والناجمة عن عوامل الجفاف التي تلف كامل أقاليم القارة السمراء تقريباً وللنقص في هطل الأمطار وبخاصة فوق اليابسة لتزداد يبوسة وتصحراً وغزارتها فوق البحار فقط وبالتالي حدوث الفيضانات وتضرر المحاصيل كما الحال في مصر حيث من المتوقع أن يواجه مليارات من البشر على امتداد الكرة الأرضية شحاً في المياه والمواد الغذائية نتيجة لأخطار الفيضانات..‏

ولن ننسى بالطبع العوامل البشرية المتعددة والتي ساهمت في التسبب بظاهرة الجفاف والمجاعة تالياً منها اللجوء لاستخدام الوقود الأحفوري والفحمي ومايثير من انبعاث مركبات الكبريت والكربون العاملان الرئيسان المساهمان في تلويث الجو وتدمير صحة الكائن البشري وكافة الكائنات الحية الأخرى والأساليب الجائرة المتبعة في الري ومساهمتها بالطبع في تفاقم صحراوية المناطق اليابسة لتصبح غير قابلة للحياة في بعض فصول السنة، وعملية قطع الأشجار باستمرار لأغراض بشرية مختلفة وبالتالي إلحاق خلل كبير في عملية التركيب الضوئي الضرورية لتقليل ثاني أكسيد الكربون وتحوله إلى أوكسجين.‏

وتداركاً للمخاوف الدولية من عدم توقع هطول الأمطار في هذه القارة في الخريف المقبل سارعت بعض الجهات المانحة وعلى رأسها «البرازيل» لتقديم المساهمات العينية والغذائية إلى الصومال رغم تمنع حركة الشباب المتمردة في البلاد والتي تسيطر على جزء كبير من جنوبي الصومال شبكة FEWS تفيد بأن الجفاف في القارة يبدو أسوأ الآن مما كان الحال عليه قبل ستين سنة ماأدى لارتفاع أسعار الحبوب بمقدار 27٪ عن المستوى في عام 2010، كما ويشير البرنامج الغذائي العالمي إلى توقع موت 50،00 -10،000 شخص في جنوب الصومال في الشهور القليلة المقبلة بسبب توقع عدم هطول الأمطار وبالتالي تفاقم المجاعة ويعني ذلك تعرض 10،000-20،000 شخص للخطر الداهم...‏

وبالطبع، القارة السمراء مسؤولة جزئياً عن أوضاعها الراهنة في كافة جوانبها لكن المسؤولية الكبرى تترتب على النظام الاستعماري القديم الذي طالما تعمد لتنصيب قادة كرسوا بدورهم شكلاً جديداً من أشكال الاستعمار عن بعد كما وساهمت العولمة في إحكام قبضة هؤلاء على مقدرات هذه المستعمرات إن بطريقة مباشرة أم بأساليب لينة وملتوية.‏

تفشي المجاعة في القارة وعلى نحو خاص في الصومال إنما يعود بالدرجة الكبرى كما قال الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان إلى عدم كفاية تسويق المساعدات العاجلة وقلة المعرفة والحيلة في معالجة أسباب الفقر، الأمر الذي يفضي إلى التسبب بالمجاعة والأزمات الغذائية ناهيك عن الأزمة البيئية والتي تشارك هذه معاً في إلحاق خطر على الأمن والسلم الدوليين.‏

بعض المعنيين يشير بأن مايحدث في القارة السمراء من ملمات ومصائب بيئية مختلفة قد تكون «منظمة» إلى حد ما ولاسيما أن هدف الليبرالية الجديدة يكمن في السعي لافقار الدول الفقيرة أصلاً والدفع بها لبيع أراضيها إلى مجموعات دولية طموحة في الاستغلال والنهب والسرقة.‏

 بقلم : سام وزينغنون - عضو في وكالة الإغاثة الدولية‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية