تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من أجل الثقافة

ثقافة
الخميس 31-12-2009م
عماد جنيدي

من أهم سمات الثقافة العربية حيويتها وديمومتها وقدرتها الفائقة على المواجهة، فهي كطائر العنقاء كلما خالها الغزو الثقافي قد غدت رماداً عادت وانتفضت وطارت عبر فضاءاتها الرحيبة.

إن ملحمة الفداء في فلسطين لهي بحق أعظم ملحمة تراجيدية عرفها التاريخ، فكل يوم يمر يقدم شعبنا العربي الفلسطيني قوافل الشهداء وتزداد فلسطين وقضيتها توكيداً وسطوعاً وإثباتاً وتزداد إسرائيل نكوصاً وافتضاحاً وغرقاً في مستنقعات القتل والإجرام.‏

إن النظام القطري في بعض البلدان العربية لا تصح فيه إلا مقولة الخليفة العباسي المتوكل «بغداد تكفيني».‏

ومع ذلك فالثقافة العربية وعلى رأسها الشعر العربي هي في الغالب ثقافة مواجهة ومجابهة تبدأ ببيت الشعر العظيم للمتنبي:‏

وإنما الناس بالملوك فلا‏

تفلح عرب ملوكها عجم‏

في أوائل السبعينيات من القرن الماضي بدأت عملي في صحيفة الثورة بدمشق وأتاح لي عملي الصحفي أن أتعرف على جميع الشعراء العرب الذين قدموا إلى دمشق كزائرين أو كإقامة فتعرفت وعايشت شعراء كأسعد الجبوري، محمد مهدي الجواهري، عبد الوهاب البياتي وعدد آخر من الشعراء العراقيين وكان صديقي الحميم حسان أبو غنيمة مخرجاً سينمائياً أردنياً وتعرفت على الشعراء أحمد عبد المعطي حجازي وصلاح عبد الصبور ومحمد عفيفي مطر وأحمد فؤاد نجم وهم نخبة شعراء مصر وأبرز رموز المواجهة فيها وهم عرب يداً ووجهاً ولساناً.‏

وحين زرت بيروت أو ليبيا أو اليمن وجدتني وكأنني لم أغادر سورية فالقلب واحد والنبض واحد والتوجه واحد وكلها أدلة على حيوية هذه الأمة التي لن تموت.‏

لقد منيت ثقافة الامتثال والتخاذل والاستلاب للثقافة الاستعمارية على جميع الأراضي العربية بهزيمة نكراء.‏

لقد نذر شاب من حلب الشهباء نفسه، فسافر سراً إلى مصر وقتل الضابط الاستعماري البريطاني الجنرال كليبر ولقد استشهد على أرض فلسطين آلاف الشباب من جميع أقطار العروبة.‏

إذاً فثقافة المواجهة هي ثقافتنا الحقيقية وهويتنا الوجودية وأما غيرها فهراء وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية