|
ثقافة هي عناوين طنانة رنانة فما المحقق منها؟ ومن خططها وتوصياتها تلك العناوين. والحضور اقتصر على المشاركين وقلة من المختصين فهل تواجه اللغة العربية الخطر عينه الذي تواجهه الطبيعة والمناخ وهل ثمة ما يلوح في الأفق من تسونامي سوف يقتلع اللغة العربية ليدق اللغويون والمختصون ناقوس الخطر ويعقدوا الندوات والمؤتمرات لإحياء الكثير من مفردات المعاجم واقتراح تطبيقها في عصر وزمن هو من السرعة بحيث لا ندرك ما يجري كل لحظة. لغتنا العربية بخير وما زالت هي لغتنا اليومية في حياتنا الاجتماعية العلمية والثقافية وفي صفوف المدارس، فلماذا محاولة تصعيب الأمور علينا وفي اللغة العربية من اليسر في إيصال الفكرة والمعلومة بأبسط الطرق وأجملها؟ فهل هي دعوة للعودة إلى لغة الصحراء التي تحتاج لعشرات المعاجم لتبسيط كلمة واحدة. عود على بدء وأوراق العمل التي قدمت في جلسة الندوة الأخيرة وكانت أولى هذه الأوراق (ضمانات مناهج اللغة العربية رؤية مستقبلية). أ.د مصطفى عبد السميع أستاذ بجامعة القاهرة- مستشار وزير التربية والتعليم في مصر وقد استعرض في هذه الورقة ضرورة مواكبة التوجهات العالمية المعاصرة في تشكيل ضمانات تطوير المناهج الدراسية للغات القومية بعامة وانعكاسها على مناهج اللغة العربية الدراسية، إضافة لتقديم رؤية مستحدثة لتحقيق ضمانات تطوير مناهج اللغة العربية للناطقين لها وللناطقين بغيرها. ورقة د. عبد السميع استلهمت ما بها من أفكار من مصدرين رئيسيين هما: - خطة تطوير التعليم في الوطن العربي والتي أعدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وأقرها مؤتمر القمة في دمشق. - مواثيق الأمم المتحدة الخاصة بمجتمع المعرفة باعتبار اللغة هي المصدر الرئيس للمعرفة ولأن العروبة صفة تتأكد لدى الشخوص إذا شخصت لغتهم العربية ومما أتى في هذه الورقة عنوان لفتني: حول تفريد تعلم اللغة العربية، وأما الأساليب لتفريد تعلم اللغة العربية فهي: - توحيد مضمون منهج اللغة العربية من خلال تنويع طرائق التدريس واستراتيجياته إضافة لتطبيق نطاق أدوار المعلم وتوسيع نطاق أدوار المتعلم. - تطوير منهج اللغة العربية بحيث يتلاءم مع امكانات المعلمين والمتعلمين والمدرسة ويتكيف مع متطلبات الاستعانة بالأساليب الالكترونية المساعدة للتعلم.. الخ. أما الورقة الثانية فحملت عنوان: قضايا التعريب في دول المغرب العربي، الجزائر نموذجاً، قدمها أ. د عبد الرحمن الحاج صالح رئيس المجمع الجزائري للغة العربية وعرض فيها تاريخ شعوب المغرب العربي والحروب والاستعمار الذي حاصرها منذ القرن التاسع عشر وحتى السادس عشر ومدى تأثير المستعمر هذه المدة في لغة الشعوب التي احتلها ردحاً من الزمن، حيث أصبحت لغته راسخة في مجالات شتى ومنها التعليم ولعل الجزائر هي من أكثر الشعوب العربية تضرراً بهذا، حيث أصبحت اللغة العربية هي الأجنبية في أرضها مع إصرار الجزائريين بمقاومتهم للمستعمر على استرداد مكانتهم ولغتهم الأم العربية. وتطرق د. الحاج صالح إلى مسألة التعريب في الجزائر وخص جانب التعليم بذلك لأنه من أهم الميادين التي تتأثر باللغة والتغيرات التي تطرأ عليها، حيث طبق في عهد الاستقلال تعريب المواد التعليمية التي لها علاقة بالشخصية العربية /تاريخ، جغرافيا وصفية، فلسفة/ ومن ثم جرى تطبيق ذلك على بقية المواد في السنة الأولى من التعليم الابتدائي في عام 1965 وهكذا دارت عجلة التعريب من خلال استقدام خبرات من دول عربية أخرى، أيضاً أصدرت جبهة التحرير الوطني عام 1980 قرارات هامة في مجال التعليم حيث نشرت جريدتا الشعب والمجاهد بياناً تضمن: أن استعمال اللغة الوطنية هو اختيار لا رجوع عنه وموضوع النقاش فيه يقتصر على إدماج هذا الاختيار في المساعي الرامية إلى التنمية الشاملة للوطن وجعل اللغة وسيلة من وسائل الترقية الثقافية والعلمية والتقنية الحديثة وضمن د. الحاج صالح ورقته بجملة من المقترحات وأهمها: أن نلم بعلوم العصر وما يتقتضيه بما يجدّ من جديد في ميدان العلوم والتكنولوجيا ونساهم في حركة الإبداع، لكن مع المحافظة على ثقافتنا العربية واكتفائنا بها في اكتساب غير العلوم. وألا تسود الانكليزية والفرنسية كل التعليم للعلوم كما هو الحال في جميع البلدان العربية تقريباً. أيضاً قدم رئيس جمعية اللسانيين المغاربة أ.د أحمد علوي حسني أطلس ورقته بعنوان: «قضايا التعريب وإصلاح الصرف العربي» حيث تطرق للصرف العربي واهتمامه بالزائد والأصيل والإبدال والقلب والإعلال وغيرها. واهتم أيضاً بالتصنيف فصنف الكلمات بحسب عدد الحروف والغاية من ذلك تسهيل الطريق لمعرفة أوزان الكلمات العربية والعروض وما فيها من تغيرات طارئة على البحور والميزان. أما هدف النحو والصرف والعروض فهو البحث عن شيء واحد هو الموازين ثم اختلفت أسماء الميزان في النحو وعوضت أخرى. أيضاً قدم د. عبد اللطيف عبيد- المعهد العالي للغات- تونس ورقة عنوانها: «اللغة العربية والتنمية الشاملة في المغرب العربي بين المبدأ والتطبيق- تونس نموذجاً». حيث يرى أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية لكل أقطار المغرب العربي طبقاً لما تنص عليه دساتيرها ومواثيقها وقوانينها، من ذلك أن الدستور التونسي نص في فصله الأول على: «تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها والعربية لغتها.. والجمهورية نظامها». ونص القانون الجزائري أيضاً على أن «اللغة العربية مقوم من مقومات الشخصية الوطنية الراسخة وثابت من ثوابت الأمة يجسد العمل بها مظهراً من مظاهر السيادة واستعمالها من النظام العام» وغيرها من المواثيق والقرارات التي نادت بأهمية اللغة العربية ولكن بقيت حبراً على ورق وشعارات غير مطبقة بشكل كامل.. ولعل الخطر الذي واجه اللغة العربية في كل من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ما زال ماثلاً حتى اليوم في اختياراتها الثقافية ووضعها اللغوي بسبب اشتراكها في المسار التاريخي وخضوعها للاستعمار الفرنسي الذي طبق فيها سياسة ثقافية واحدة، حيث الفرنسية هي الأساس في مجالات التعليم والإدارة والاقتصاد وتدريس كل المواد العلمية. لنختصر كل هذا ونقدم حلولاً سحرية فعالة لا تموت بالتقادم مع الزمن لتتراكم من جديد المشكلات ونعاود عقد ندوات تخرج أيضاً بتوصيات. وهكذا لتكن الندوات القادمة أكثر تفاعلاً مع الجيل الجديد التوجه للناس بطريقة عملية ومصطلحات مبسطة بعيدة عن التعقيد لتبقى لغتنا محببة لهذا الجيل الذي أصبحت كل مغريات العصر تجذبه. |
|