تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تحديات الحرب في أفغانستان

موقع GULF NEWS
ترجمة
الخميس 31-12-2009
ترجمة حكمت فاكه

قرر الرئيس الأميركي أوباما، الذي كان من أشد المنتقدين لسياسة زيادة عدد القوات التي أقرها سلفه بوش في العراق عام 2007،

أن يفعل الشيء ذاته في أفغانستان، حيث عزز الحضور الأميركي العسكري في أفغانستان بأكثر من 30 ألف جندي إضافي، لكن يجب على أوباما أن يقنع الرأي العام الأميركي بفائدة وجدوى هذه الزيادة في وقت يعبر فيه 48 بالمئة من الأميركيين عن سخطهم وغضبهم من الطريقة التي يدير بها الحرب في أفغانستان، مقابل 45 بالمئة يؤيدون هذه الطريقة.‏

ومع أخذ أوباما بعين الاعتبار الممانعة الشعبية الأميركية وترددها حدد عام 2011 موعداً لبدء انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان أي قبل سنة على انتخاب الرئاسة المقبلة.‏

تهدف زيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان التي قررها أوباما إلى القضاء على القاعدة بشكل نهائي لكن الرأي العام الأميركي بدأ يطرح الكثير من الأسئلة بخصوص القوات المرابطة منذ أكثر من ثماني سنوات في أفغانستان دون أن تحقق أي نتائج ملموسة أو مرئية، وبخصوص أعراض حرب فيتنام التي بدأت تظهر في الأفق مع خطر الرغبة في أفغنة المعارك دون وجود وسيط سياسي فعلي ذي مصداقية في الحقيقة، يتوقف النجاح إلى درجة كبيرة على مصداقية القوات الأفغانية وعلى المؤسسات الأفغانية، وبما أن الوضع هكذا فإن أوباما لايتردد في انتقاد فساد إدارة كرزاي الذي اعيد انتخابه للمرة الثانية بطريقة يعرف الجميع كيف حصلت والهدف الفعلي للقوات العسكرية الأميركية في أفغانستان هو تدمير تنظيم القاعدة وليس بناء مؤسسات وديمقراطية حقيقية في أفغانستان، فالقضية بكل بساطة تتعلق بمساعدة الحكومة الأفغانية على تحسين أسلوب الحكم ومحاربة الفساد.‏

لكن جزءاً كبيراً من الجواب على تلك الأسئلة يوجد في باكستان فهل لعبت السلطات الباكستانية اللعبة؟ وهل ستحارب طالبان حقيقة التي تجمعها بها شراكة حقيقية من أجل التصدي للنفوذ والتأثير الهنديين؟‏

يشعر الأوروبيون حالياً بالانزعاج، حيث إذا أعلن حلف شمال الأطلسي عن رغبته في تعزيز وجوده العسكري في أفغانستان فإن البلدان المشاركة لن تسارع لتلبية النداء، لأنها تتعرض لضغوط سياسية داخلية قوية، والآراء العامة في هذه البلاد بدأت تضيق ذرعاً وتطرح أسئلة غاضبة لعدم رؤيتها نتائج ملموسة لانخراط قواتها العسكرية في المنطقة.‏

على صعيد آخر بدأت تشح الموارد لأن التمويل مكلف للغاية، حتى الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي يؤيد مبادرة أوباما فإنه من المستبعد جداً أن يرسل قوات فرنسية إضافية إلى أفغانستان لأسباب تتعلق بالتمويل، إضافة إلى ذلك فإن تعزيز الوجود العسكري الفرنسي من شأنه إثارة نقاش مقتصر حالياً على الرأي العام.‏

وهذا الأمر ينطبق حقيقة على جميع شركاء حلف الأطلسي الذين يشاركون في الحرب على أفغانستان.‏

والسؤال القائم الآن هو: هل سيكون بمقدور القوات الأفغانية في النهاية تسلم الراية من القوات الدولية وتقوم بالمسؤولية على الشكل الذي يتمناه الغرب؟ هذا هو رهان الرئيس الأميركي أوباما الذي سيؤثر على جزء من مصداقيته بخصوص هذا الموضوع، وخاصة أن القضية تتعلق بـ 30 مليار دولار إضافية ستنفق سنوياً من أجل الحرب في أفغانستان وهذا يرفع حجم الإنفاق العسكري الأميركي في زمن أصبح المواطنون الأميركيون يعتبرون أنه من الضروري جداً تركيز وتكثيف الجهود بشكل متزايد على القضايا الداخلية والاجتماعية.‏

والسؤال الأساسي الآخر المطروح هو: إذا كان الجميع يتفق على أن الرئيس السابق جورج بوش ضيع فرصة القضاء على القاعدة في عام 2002 فهل مازال الوقت ملائماً للقيام بذلك من خلال إرسال المزيد من الجنود والتعزيزات العسكرية إلى أفغانستان؟‏

في الواقع إن المقاومين الذين مازالوا يشكلون خطراً، والذين تقدر أعدادهم بالمئات منتشرون وموزعون في باكستان كما في أفغانستان لكن تعزيز الوجود العسكري الغربي، الذي ينظر إليه الأفغان كقوة احتلال، من شأنه أن يوحد الشعب الأفغاني حول طالبان الذين خلقوا لأنفسهم سمعة كحركة تقاوم الاحتلال.‏

ولعل السؤال الأكثر أهمية، والذي يطرح نفسه بقوة وإلحاح هو: هل الجنود الأميركيون على استعداد للاختلاط مع السكان للفوز في معركة العقول والقلوب أم إنهم سيبقون يعيشون منعزلين حتى في القيام بمهماتهم في الخارج بشكل ينظر إليه على أنه عدواني وشرس من قبل السكان؟ وفي هذا الإطار ثمة سؤال آخر على قدر كبير من الأهمية وهو: ألا يواجه وجود قوات أجنبية في بلد إسلامي يعتز بإسلامه في الظروف الاستراتيجية الحالية خطر النظر إلى هذه القوات كقوات احتلال أجنبية يجب محاربتها، وليس كقوات تحرير يجب دعمها وتأييدها؟‏

***‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية