|
صفحة ساخرة فالزوجان كلاهما لا يستطيع أن يتمادى في هجاء أحدهما الآخر، ولا يستطيع استخدام العبارات النابية التي يستخدمها الاثنان حينما يكونان منفردين، أعني العبارات التي من قبيل (سد بوزك!) و(كلي هوا!) و(تضرب في موديلك البطلان) الخ..لأن استخدامها في مثل هذه المواقف يسيء للاثنين معاً، ولو أن كلاً منهما يعرف أن هذه العبارة تسيء للطرف الآخر فقط لما توانى.. وكنا قد تحدثنا في ما مضى من حلقات «سيرة الحب» عن مجموعة من الأدباء وزوجاتهم كانوا يسهرون في منزل أحدهم.. وفتحت سيرة الطبيب الذي يزعم أنه سيتوصل إلى علاج للسرطانات بإرجاع العمر إلى الوراء ..فاستغلت زوجة أحد الأدباء هذه الفكرة وأعلنت أنها تريد أن تصغر نفسها لتتلافى الخطأ التاريخي الذي ارتكبته حينما تزوجت هذا الإنسان الذي (يجلط) و(يطقق) ويجعل من يعاشره يمشي في الزقاق ويتحدث مع نفسه مثل المهابيل! ثم تحول الحديث برمته في اتجاه ذكر مثالب الأزواج الأدباء فقالت أم مازن: - في بداية زواجنا أنا وأبو مازن لم يكن لدينا غسالة، لأن حضرة زوجي الأديب المحترم فقير وكادح ومن ذوي الدخل المحدود.. ليس زوجي فقط بل إنني لم أسمع بوجود أديب (زنكين) يعني بلا مؤاخذة كلهم من هذا الموديل بدليل أن الشعراء الذين يفترض بهم أن يحملوا قضايا أمتهم ويدافعوا عنها ويقولوا كلمة الحق في وجه السلطان الجائر.. كانوا يفعلون العكس تماماً. أرادت أم مازن أن تقول إنها وزوجها الأديب الطفران أبا مازن لم يكونا يمتلكان غسالة.. ولكنها على ما يبدو استطرقت الحديث عن الشعراء ، فاسترسلت تقول: كان أولئك الشعراء يفكرون ليلاً ونهاراً بالطريقة المثلى التي توصلهم إلى أبواب السلاطين الجائرين، فإذا ما اهتدى الواحد منهم إليها فإنه سرعان ما يقفل على نفسه الباب ويجمع ما يمتلكه من كذب ودجل ونفاق ومداهنة ومراوغة وتدليس، ويصوغها قصيدة ترمي الطائر وتخرج الأفعى من جحرها من فرط ما فيها من مديح وتعداد للصفات العظيمة التي يزعم أنها موجودة بكثافة في شخصية السلطان الممدوح، والممدوح بدوره يتسلى بأعصاب صاحبنا الشاعر، فيزعم له أن باب الأعطيات اليوم مقفل وربما ينفتح إذا تكرم الضيف الشاعر بتقليد نومة العجوز وعجن الصبية! وحينما يقوم الشاعر بدور المهرج على أكمل وجه يتكرم الممدوح (من كيس الشعب طبعاً) قائلاً:احشوا فم هذا الشاعر بالدر! فيسارعون إلى حشو فمه بالدر، وهو يغص و(يتشردق) ويكاد أن يفطس من شدة الحشو، ولكنه أخيراً يمضي فرحاً بما حصل من السلطان من أموال. وقالت أم مازن على سبيل النكتة: وأحياناً يقع خطأ مطبعي في بعض الأوامر السلطانية، وهذا الخطأ يكون في غير صالح مداحي القمر من الشعراء، ومن هذه الأخطاء ماروي عن سلطان أصدر فرماناً سلطانياً لحاشيته ينص على ما يلي: احصوا الشعراء الذين يقفون ببابنا! وكان ثمة ذبابة مزنوقة وقفت فوق حرف الحاء في (احصوا) ووضعت فوقه نقطة سوداء! والحاشية بدورها نفذت الأمر بحذافيره، ولكنهم نسوا بعض الشعراء لم (يخصوهم) فتناسلوا، ومافتئ الشعراء من سلالتهم يقفون بأبواب السلاطين وهم مدججون بالأماديح، ويتحينون الفرص للدخول وإلقائها والحصول على الأعطيات الدنيوية الزائلة!. قال أبو عدنان: إن ماقالته أم مازن مهم جداً، وأنا أكاد أجزم أنها لو لم تكن زوجة الأديب المتميز أبي مازن، لما حصلت على هذه الرؤى العظيمة، وعلى كل حال أنا أطالبها بإكمال قصة الغسالة. قالت: المهم في الموضوع أن والدتي- مكثورة الخير- اشترت لنا غسالة أوتوماتيكية على حسابها، وأنا من شدة توقي للغسالة رجوته أن يسرع إلى السوق ويشتري لنا كيساً من المسحوق لأجل أن نجربها. لم يكذب أبو مازن خبراً، ذهب إلى السوق ولم يتأخر سوى ساعتين، واشترى لنا المسحوق، وأنا شغلت الغسالة، وغسلت فيها ونشرت الغسيل على الحبال. يومها كانت الرياح قوية، وحينما خرجت لأتفقد الغسيل وجدت قطع الثياب منتفخة وقد اخترقها الهواء فاتخذت أشكال الأشخاص الذين يرتدونها، وبمجرد ما لمستها بيدي أخذت تقرقع وكأنها قديد الخضار اليابس!. لقد تبين أن زوجي الأديب المحترم، المتميز، نبراس الأمة والمجتمع، قد أحضر لي كمية وافرة من الجبصين بدلاً من مسحوق الغسيل!. |
|