تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قرار ضمّ القرى إلى البلديات القائمة بطرطوس.. يلزمه إجراءات أخرى .. وتجارب البلديات لا تبشر

طرطوس
تقارير
الخميس 31-12-2009
محمد حسين - ربا أحمد

في واقع لا يخفى على أحد تعيش معظم بلديات المحافظة بموازنات لا تكفي رواتب لموظفيها وعلى الباب الثالث لا تتجاوز المليون ليرة في أفضل الأحوال،

بالإضافة للتخبط بالتخطيط والدراسات وتحديد الأولويات إلى جانب قلة الموارد والإيرادات والعيش على الإعانات التي تقدم من المحافظة.‏

ولكن أمام كل ذلك وافق مجلس محافظة طرطوس بالأكثرية في الجلسة الرابعة للمجلس بدورته العادية الخامسة بتاريخ 9/9/2009 على ضم القرى والمزارع للبلديات القائمة وعليه صادقت وزارة الإدارة المحلية بتاريخ 14/10/2009 على القرار، علماً أن القرار الذي اتخذ في حينه من مجلس المحافظة صدر دون العودة لرأي الأهالي وفق إجماع الأعضاء.‏

الاستطلاع .. محايد‏

ووفق استطلاع أجريناه مع مجموعة من البلديات التي تشمل جميع مناطق المحافظة والتي ضمت إليها عدداً من القرى التي تقدر مساحتها بضعف المساحة الحالية وضعف عدد السكان، تبين أن القرار يلزمه عدة قرارات مرافقة وأن الفشل والنجاح رهن بالعقول أولاً وعدم التطنيش من الجهات المتشاركة في تطبيق القرار ثانياً.‏

فهنا بيت الضيق لا يتسع، والبلديات التي ضاقت بمتطلباتها وخدماتها التي لم تكتمل على الأرض بعد بمرور عشرات السنين كيف لها أن تتسع لمتطلبات جديدة في قرى ومزارع جديدة؟‏

فرئيس بلدية النقيب (التابعة لمنطقة طرطوس) أكد أن الحمل ثقيل جداً والمساحة المضمومة تساوي ضعفي المساحة الحالية، معتبراً أن العناصر الثلاثة لنجاح القرار هي الموازنة الكافية والمكتب الفني وعناصر الشرطة، مشيراً إلى أن اليوم ليس لديهم سوى مهندسين يداومان يومين فقط، وعنصر شرطة واحد، وبالتالي سيصبح هناك عجز كبير بالخدمة، ولفت إلى مشكلة مهمة قد تبرز في عدة بلديات ومنها النقيب وهي أن عدداً من القرى المضمومة للنقيب لا يوجد لها طريق مباشر ووسائل نقل منها إلى مركز البلدية.‏

وأيده رئيس بلدية كاف الجاع (التابعة لمنطقة القدموس) الذي أشار إلى أن المهندسين والمراقبين الفنيين إلى جانب الآليات ستشكل العناصر الأساسية لنجاح هذا الانضمام أو فشله، مشيراً إلى أن البلديات ليس بحوزتها إلا قرار الضم وبالتالي تنتظر من الخدمات الفنية ما يحول هذا القرار لواقع.. ورئيس بلدية يحمور (التابعة لمنطقة طرطوس) أكد على نقطة مهمة جداً وهي أن المزارع المتبعة بالقرار ستكون خالية تماماً من الخدمات وبالتالي الانطلاق سيكون من الصفر، الأمر الذي سيحتاج إلى عدد كبير من المهندسين والمراقبين الفنيين باعتبار أن الأخيرة بحاجة لدراسات كاملة بخصوص جميع الخدمات، بينما تبرز الحاجة كبيرة للمراقب وعناصر الشرطة الكافية كون المساحة الكبيرة تعني صعوبة بالسيطرة على مخالفات البناء الجديدة.‏

بينما في بلدية الوردية (التابعة للشيخ بدر) والتي ضم إليها كل من (النمرية، العسلية، وعين الكبيرة، والدلبة، والبطحانية ومزارعها الأربع، والتاجية ومزرعتها) أشار رئيس بلديتها إلى أن قرار الضم عملياً يتطلب زيادة بالكادر الفني والإداري ولاسيما بعناصر الشرطة.. مشاركاً رؤساء البلديات الأخرى إلى أن بعض القرى مثل التاجية مواصلاتها مع مركز البلدية غير مؤمنة.. بينما لا يوجد سوى 10 سيارات على خط الوردية - طرطوس.‏

سيكون الوضع صعباً بلا دعم.. هذا ما أكده رئيس بلدية فجليت (التابعة للدريكيش) مشيراً إلى أن قرار الضم لم يصل بعد إلى بلدية فجليت ولا تعليمات بخصوص كيفية تطبيقه، ولاسيما في ظل الإمكانيات الضعيفة والمتواضعة، مطالباً بزيادة الملاك من المهندسين والمراقبين وكذلك عناصر الشرطة والآليات اللازمة، باعتبار أن لا قدرة حالياً أبداً على تخديم هذه القرى، إلى جانب أن القرى المضمومة ترتبط مع المدينة بطرق مختلفة عن البلدية التي ضمت إليها، وبالتالي سيواجه المواطن صعوبة في الوصول لمركز البلدية.‏

والأمر مشابه في بلدية ضهر صفرا (التابعة لمنطقة بانياس) فالحاجة ماسة لتطبيق القرار وفق ما أكده رئيس البلدية إلى المهندسين والميزانية والآليات باعتبار أنه لا يوجد سوى مهندس وشرطي ومحاسب واحد، لافتاً إلى ضرورة حل مشكلات مكبات القمامة التي ربما ستزيد مشكلتها بلة.‏

ملاحظات..‏

تبين أن هناك اعتراضاً من عدد من القرى على الضم، ولم يؤخذ به، تركزت معظمها على سبب البعد والقرب من الحدود الإدارية لتلك البلديات، كحالة حارتي الدويلية وبلحوس التابعتين لقرية قنية جروة حيث تم تتبيعهما إلى بلدية جنينة رسلان بينما تبعت قرية قنية جروة إلى بلدية فجليت، ومن الطريف كما أشار الأهالي أنهم يتبعون للجمعية الفلاحية بفجليت وطلابهم يدرسون في مدارسها.‏

وفي النهاية لابد من الإشارة إلى أن ما أشار إليه رئيس بلدية الوردية بأن القرار يتطلب بالدرجة الأولى صلاحيات أكبر للبلدية ومرونة وتخفيفاً من المركزية والتنسيق مع المركز للإشراف، مطالباً بمبادرة لتعزيز مفهوم الإدارة المحلية وتعزيز العمل الشعبي مع إعطاء دور للمخاتير.‏

الحل بالمكاتب الفنية‏

وعند سؤال مدير الخدمات الفنية بطرطوس عن نتائج الضم وكيفية التعامل معه وتذليل صعوباته أكد أن الحل بتشكيل مكاتب فنية في جميع الوحدات الإدارية بحيث تفرز لها المهندسين والمراقبين الفنيين وذلك وفق المساحة والكثافة السكانية بالإضافة لحجم العمل والنمو العمراني، مشيراً إلى أن العدد الإجمالي للمفروزين هو 250 مهندساً و250 مراقباً فنياً.‏

وبخصوص الآليات أشار رحاب محمد أن المحافظ كلفهم بالتنسيق والتواصل مع الوحدات الإدارية لدراسة حاجتها من الآليات المتنوعة الهندسية والخدمية والصهاريج بالإضافة للجرارات والدراجات النارية لتغطية عملها، مشيراً إلى أن استقصاء الحاجيات تم إلى جانب خطط استجرارها.‏

وحول الطرق والتواصل بين مركز البلدية والقرى المحدثة نفى وجود هذه المشكلة، مؤكداً أن كل قرية في طرطوس لديها طريقان على الأقل.. كاشفاً إلى أن المخططات التنظيمية لبعض التجمعات انتهت، وبالنسبة للبقية انتهى مخططها التوجيهي.‏

من الصفر..‏

مهندسون، مراقبون، موازنات، آليات، توسيع للمجلس البلدي، شبكة طرق مبتورة، مساحات هائلة، عدد سكان كبير، ومزارع خالية من كل شيء والبداية صفر.‏

هذه اسمها متطلبات، وحائط صد كبير ومنيع أمام ولادة الإيجابية من قرار ضم القرى إلى البلديات الموجودة، والتذليل ووجودها ربما حلقة الوجود بين الواقع والورق، وهناك عدد كبير ممن يقبضون على هذه الحلقة والخوف أن كل واحد يتركها للآخر.‏

وبعيداً عن صوابية القرار الذي صدر، فلنترك الاعتراضات خلفنا، ولنفكر بالسلم الطويل الذي من المفترض أن نرتقيه حتى نصل إلى ما نريد لأن المطلوب الآن رؤية نصف الكأس الممتلئ، فالتفاؤل قد يكون بداية جيدة لمشروع كبير وحمل أكبر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية