|
مجتمع يطلق عليه اسم معلم أو استاذ لما تحمله هذه الكلمة من معان وعبر، على عكس ما وصل إليه معنى هذه الكلمة في وقتنا الحاضر، فبعد تجريد القدوة، والمثل الأعلى من صلاحياته تفشت ظواهر عديدة كانت فيما مضى تعد معيبة ومهينة ،مخجلة أما الآن فهي تبعد كل البعد عن الجو الاخلاقي، والتربوي في محيط غابت عنه العقوبة الرادعة. هذا الوضع سهل الطريق أمام بعض الطلاب للهروب من مدارسهم وأمام أعين المدرسين الذين أصبحوا يخافون من المحاسبة جراء ما يحدث لهم فيما بعد من إحراجات واصابات كما حصل مع البعض، وأصبح الطالب يتخذ سور المدرسة وسيلة للهروب، الأمر الذي بات يشغل بال الأهالي تجاه أبنائهم. معظم هؤلاء الطلاب الهاربون، يلتقون أحياناً بمدرس من نفس المدرسة أثناء خروجهم في منتصف الدوام دون أن يشك ذلك لهم أي رادع أو خوف أو خجل، بل على العكس يتمادون ويتقصدون لقاء أحد المدرسين ليقولوا له، وإن كان ذلك ليس بالكلام وإنما عبر التصرفات : إننا سوف نخرج متى نشاء ونفعل ما نشاء ولا يحق لك أيها المدرس فعل أي شيء . هذا التصرف من قبل الطلاب أصبح يأخذ حيزاً لديهم بعد أن بات تعنيف الطالب من قبل الاستاذ أو الادارة أمراً مرفوضاً. بتنا نشهد عكس ما كان سابقاً، فبعد أن تم منع الضرب في المدارس كاجراء عقابي، تحول الطالب إلى كابوس بالنسبة للأستاذ وانقلبت المعادلة، والمفارقة أنه في الماضي كان المدرس يشكل كابوساً للطلاب اذا التقى بهم خارج المدرسة وأوقات الدوام، ولكن دارت الأيام وتغيرت الاحوال، أصبح للطالب احترامه وهيبته ومكانته، وأصبح المعلم لا يجرؤ على رؤية التلاميذ خارج مدرستهم والامثلة كثيرة على ذلك والمشاهد أكثر. إن المتضرر الوحيد من هذه العملية هم الأهل والطالب نفسه ومن ثم المجتمع، لأن هذا الوضع الذي وصلنا إليه ينبىء بمستقبل فاشل حتماً في ظل انعدام الحس الاخلاقي، وانعدام العقوبات الرادعة التي كانت تعلم الأدب والاخلاق والاحترام ولو بجزء بسيط. فكما يتعلم الطفل عدم احترام مدرسه حتماً سوف تكون النتيجة عدم احترامه لذويه أيضاً، وبالتالي سيكون هناك انحدار أخلاقي تجاه الأهل والأقارب والمجتمع عامة، وهؤلاء الطلاب الصغار سوف يكبرون على خطأ ويعلمون الجيل الآتي الخطأ. سوف يصل الجميع في نهاية المطاف إلى الخطيئة. والطبع يغلب التطبع فكيف نجتهد ونسعى لإيجاد حلول جذرية وليست إسعافية تنهي هذا الوضع المأساوي؟!. |
|