تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مزايــا الزمــن

على الملأ
الخميس 31-12-2009م
مصطفى المقداد

لعل أجمل الاختراعات التي عرفتها البشرية هي تلك الحدود الزمنية التي تحدد بداية ونهاية كل فترة، وعلى رأسها كلها تقف رأس السنة الميلادية، اذ اتخذت حداً فاصلاً تقف شعوب الأرض جميعها عنده متخذة منه منصة للوقوف مع الذات ومراجعة الفترة المنقضية والتطلع نحو العام القادم بكثير من الأمل والبشرى.

ولعل اكتشاف الزمن، واستخدامه كبعد رابع، يؤثر في احتساب الأطوال والمساحات والحجوم وتبدلاتها ترك الأثر الأكبر في تطور العلوم كلها وتسبب في تحقيق تقدم البشرية.‏

وبالقدر الذي يعد الزمن عاملاً مجرداً لا يمكن الإمساك به، لكن الإحساس به وبتأثيره يبلغ الحدود الأقصى، وكذا الأمر في ذلك الاختراع الحدي كرأس السنة التي تفصل شكلاً بين زمنين لا يمكن التقاط أي جزء منهما فيما يكون الاستشعار بتأثيرهما في أشد حالاته وضوحاً وتتكرر المناسبات باطراد منتظم يعتمد أساساً في تحديد الأنشطة كلها بدءاً من الأنشطة السياسية ومروراً بالاقتصادية والعلمية والثقافية وصولاً إلى الأنشطة الشخصية والخاصة.‏

ويمضي الوقت ممعناً في ترك تأثيراته وفاعليته في حياة الافراد والمجتمعات ومع استمراره تحدث تغيرات في الطبيعة كلها وكل ما يمكن أن يوجده أو يبنيه الإنسان على ظهر الأرض، فالوقت وحده كفيل بالقضاء على أكبر العتاة، وهو وحده الكفيل بفناء ودمار أضخم الابنية والمنشآت، وهو الكفيل بإدخال التغيرات البنيويةالكيفية في الانسان والطبيعية على السواء وفق المنهجية العلمية والقوانين الجدلية للماركسية وفي ظل تصارع هذه الأفكار التي يولدها مجرد مرور ذكرى متكررة يبقىالزمن عاملاً أساسياً لا يمكن الإمساك بتفاصيله ، فيما يتم التحايل عليه بتواصل العمل، واختراع الحلول الجديدة القادرة على الحد من تأثيره وتأثير مآسيه ، وهو الامر الذي بقي يؤرق الانسان منذ بدء خليقته فقد استطاع تجاوز الكثير من العقبات والتغلب عليها كما تمكن من تطويع الطبيعة لخدمته وخدمة أهدافه فيما يقف الزمن وحده عصياً على الإمساك بجوانبه ، فهو قاهر للجبابرة ومحطم لرغباتهم، لكنه أيضاً وحده الكفيل بمحو آثاره ذاتها تلك الآثار التي تخلفها خيباتنا وتجاربنا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية