|
كتب
وخلال حياته المديدة «ولد عام 1864 وتوفي عام 1936» كان قد جسّد قولا وفعلا المجد الثقافي لشبه الجزيرة الايببرية. وكان كتابه الفلسفي «الشعور التراجيدي للحياة» الصادر عام 1912 هو أول من حقق له الشهرة في كامل أنحاء اوروبا. وفي عام 1914،وعزل عن عمادة جامعة «سالامانك» بسبب مناهضته للنظام الملكي. وبعد نشره سلسلة من المقالات ضد الديكتاتور «بريمو دو ريفيرا» اضطر إلى العيش في المنفى وظلّ فيه حتى وفاة الديكتاتور المذكور. وعند اندلاع الحرب الأهلية الاسبانية عام 1936، جاهر أونا مونو بعدائه لفرانكو. فعل ذلك في الخطاب الشهير الذي ألقاه في جامعة «سالامانك» يوم 12 اكتوبر من العام المذكور والذي أدان فيه بشدة المجازر الفظيعة التي ارتكبت ضد «الباسك» و«الكاتالنايين» وبينما كان أونامونو يلقي خطابه، كان جنود فرانكو بلباسهم الأسود يصرخون « « يحيا الموت». وعندما أمعن في ادانة الجنرال فرانكو صرخ الجنود: «فليسقط الذكاء». وعندئذ ردّ عليهم اونا مونو قائلا: «هذه الجامعة هي معبد الذكاء وأنا قسّها الأكبر. وأنتم الذين تدنّسون هذا الحرم المقدس. وانتم سوف تنتصرون لأنكم تمتلكون من القوة ما أنتم في حاجة إليه. غير أنكم لن تتمكنوا من اقناع الناس بأعمالكم. وأعتقد أنه من غير المفيد أن أحثكم على التفكير في اسبانيا. لقد انتهيت». بعد القاء خطابه، وضع اونا مونو في الاقامة الجبرية. وبعد ذلك بأسابيع قليلة، وتحديدا يوم 31 ديسمبر 1936، لفظ اونامونو انفاسه الأخيرة. ومن الآثار المهمة التي تركها الفيلسوف والشاعر والروائي الاسباني المذكور، رواية حملت عنوان «كيف تنجز الرواية؟» وفي المقدمة التي خصّصها لها، كتب يقول: «ما هو متصل حقا بالفن الرائي، هو كيف تنجز رواية ما؟». ثم يضيف قائلا: «والآن أنا أعتقد أن أفضل طريقة لانجاز رواية هي أن نروي كيف نتوصل إلى ذلك». وكان اونامونو قد كتب هذا الأثر الأدبي الرفيع في منفاه وذلك بين عامي 1924 و1925. البطل يمضي الوقت متجولا على ضفاف نهر «السين» بباريس وذات يوم يتوقف أمام بائع كتب قديمة ويقرأ على صفحة احدى الروايات الجملة التالية «عندما يصل القارئ إلى نهاية هذه القصة المؤلمة فانه يموت معي». وعندما يشرع البطل، وهو اونامونو في الحقيقة يكتب قائلا: «على كتفي تثقل حياتي بأكملها والتي كانت موتي. ولم تكن فقط السنوات الستين من حياتي الجسدية التي تثقل على كتفي وانما أكثر من ذلك. انها قرون من التراث الصامت المحفوظ في أعمق أعماق روحي. وهي ذكريات غير واعية. ذلك أن أملنا اليائس في حياة شخصية ما وراء القبر تتغذى وتغتني من تلك الذكرى المستعادة الغائمة لتجذّرنا في أبدية التاريخ». وفي هذه الرواية يعالج اونامونو قضايا في غاية الأهمية تتصل بالأبدية والتاريخ، والاسطورة والخيال والله والانسان في حياته وموته. وفي نهايتها كتب يقول: «القارئ الذي يحاول أن يبحث عن روايات مكتملة لا يصلح أن يكون قارئي ذلك أنه هو نفسه سوف ينتهي قبل أن يقرأني». |
|