|
رؤية هكذا يعمل كثيرون على تحويل بعض التاريخ إلى أماكن ذاكرة باردة تفقد حياتها تدريجياً فكأنها لم تكن يوماً. للإنسان ثلاث ذاكرات: قصيرة ومتوسطة وطويلة أو مديدة, ويبدو أن عملية التحويل تركز على هذه الأخيرة, باعتبارها أرشيفاً شخصياً أكثرعمقاً. تأويل أول: نحن نشبه إذاً جهاز الكومبيوتر في هذه النقطة على الأقل؟ ثمة ملفات تبقى على سطح المكتب, وثمة أخرى ندفع بها إلى ذاكرة داخلية, فهل النسيان يشبه إرسال ملف أو أكثر إلى سلة المحذوفات؟ فهل يمكننا استرجاع ملفاتنا المحذوفة من سلة مهملات ذاكرتنا البشرية كما نفعل في الكومبيوتر؟ تأويل ثانٍ: الذاكرة ربة منزل نشطة, تودع بعض معارفها القدامى, لتستقبل زواراً جدداً أكثر حيوية. تأويل ثالث: المسكوت عنه في التاريخ, وفي الحياة أماكن ذاكرة باردة ؟! ألا يمكن اعتبار المسكوت عنه معتقلَ رأيٍّ دهمته صلاحيات قانون طوارئٍ ما, متلبساً بتأويل آخر للحياة أوالتاريخ, فعُهد به لعناية الظلمة؟! يلعب الأدب دوراً هاماً في تأريخ ذاكرة المسكوت عنه, لكنه يبقى تأريخاً مخاتلاً قابلاً لأكثر من تأويل, فهو غير رسمي, لكنه ربما أقرب للحقيقة. تأويل ختامي: التأويل نشاط معرفي ديمقراطي, نشاط أنثوي لأنه منطقة خصوبة, لا فرداني, لا توحيدي, لا شمولي, لأنه يقبل التعددية, لهذا نختلف, ولهذا نتنازع مناطق نفوذ الذاكرة, في محاولة لردّ التعددية عن غيّها, ليبقى التاريخ سجلاً لذاكرةِ فردانيةِ الأقوياء فقط. suzani@aloola.sy |
|