تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بعد مرور خمسة عشر عاماً على الرحيل..عدنان الخطيب وثلاثون مطبوعاً تحيي ذكراه

ثقافة
الأربعاء 22-9-2010م
فادية مصارع

«الحق يعلو ولا يعلى عليه» عبارات تأبطها القانوني الكبير مع كتبه واختارها لتكون شعاراً ملازماً له مدى الحياة مع التطبيق العملي على أرض الواقع وتشهد له على ذلك المواقف التي حفلت بها حياته العملية إذ كان لا يألو جهداً فيها لاظهار الحق

وإزهاق الباطل، واليوم وبعد مرور خمسة عشر عاماً على رحيل المعلم الفذ والقاضي الكبير والباحث اللغوي ورجل التاريخ المدقق، نذكره ونتذكره بمواقفه الجريئة في السلك القضائي، وبما تركه من انتاج علمي وأدبي كبير في مجالات واسعة من القانون وعلوم العربية والتاريخ والتراث والتراجم، فقد ألف ما يزيد على الثلاثين مطبوعاً، ووصلت مقالاته إلى ما يقرب من المئة والخمسين في مختلف الميادين التي بحث فيها.‏‏

ولد في دمشق 8 آذار 1914 وتوفي فيها 24 أيلول 1995، بدأ دراسته في مدارس وتجهيز دمشق، حاز على إجازة في الحقوق مع درجة الشرف الأولى جامعة بغداد 1942 واجازة في العلوم المالية والإدارية جامعة بغداد 1942 ودكتوراه في العلوم القانونية جامعة باريس 1974.‏‏

بدأ ممارسة مهنة المحاماة بدمشق 1942.‏‏

واختير قاضياً سنة 1944، تدرج في سلك القضاء حتى وصوله إلى درجة مستشار، شغل منصب نائب عام في وزارة العدل 1954، وتولى تدريس المواد القانونية في كليتي الشريعة والحقوق بجامعة دمشق منذ سنة 1954.‏‏

كلف بالتدريس في معهد البحوث والدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية في القاهرة من سنة 1957 حتى 1974.‏‏

وانتقل إلى مجلس الدولة وتولى الأمانة العامة فيها سنة 1959.‏‏

- أسند إليه منصب محافظ اللاذقية سنة 1961‏‏

- أصبح رئيساً لمجلس الدولة في الجمهورية العربية السورية سنة 1969. واستمر حتى إحالته على التقاعد سنة 1974، انتخب نائباً لرئيس مجمع اللغة العربية بدمشق 1976، وأميناً عاماً للمجمع بدمشق لأول مرة سنة 1982.‏‏

وأميناً عاماً مساعداً لاتحاد المجامع العربية وقد بقي في منصبه حتى الوفاة.‏‏

محام أولاً‏‏

بدأ الخطيب حياته العملية محامياً في دمشق، وكان من أوائل العاملين المبرزين في مؤتمر المحامين العرب الأول الذي عقد في دمشق عام 1944 وكان لخطابه آنذاك صدى واسع بين المؤتمرين، حيث كانت دمشق وقتها تشهد موجات عروبية جامعة وخاصة إن قضية فلسطين كانت في طريقها لتسلم إلى المغتصبين بعد نحو أربع سنوات.‏‏

حياة ومواقف‏‏

كثيرة هي المواقف الجليلة التي قام بها د. الخطيب والتي يعكف نجله المهندس مؤنس الخطيب على جمعها وتسجيلها على أمل أن يتم طبعها في كتاب أو أكثر مع المنتخب من مقالاته وأهم كتبه مع حلول الذكرى العشرين لوفاته وقد شجعه على هذا العمل أصدقاء والده ومنهم د. هلال ناجي الرئيس الأسبق لاتحاد كتاب العراق ود. جورج جبور، وإليكم نبذ من حياة ومواقف د. الخطيب:‏‏

قضى القانوني والقاضي الكبير في سلك القضاء والدفاع عن الحق أكثر من ثلاثين عاماً، سعى خلالها لإعلاء الحق ونصرته وكان لا يخاف في الله لومة لائم، ومصنفات القضاء تشهد له بمواقف رائعة مشهورة على مدى عمله في منصات القضاء.‏‏

وقد تحدث الأستاذ المرحوم جورج صدقني في مجلة (المناضل) عن سنوات المخاض 1940-1947 معلقاً على أهم المعارك التي خاضها حزب البعث العربي الاشتراكي في تلك السنوات ومبيناً في الوقت نفسه دور القضاء السوري الحر المستقل والمشرف ودليله على ذلك الدعوى الأخيرة التي أقيمت في حمص على الأعضاء البعثيين: شاكر الفحام وناظم ناصيف ونزار القصير وزائري طيارة وقد حكمت المحكمة بتاريخ 16 آذار 1949 بعدم مسؤولية د. الفحام وبراءة الثلاثة الباقين من تهمة توزيع منشور حزب البعث المؤرخ في 7/1/1949 وكانت النيابة آنذاك ممثلة بالأستاذ عدنان الخطيب الذي وقف في صف المتهمين حتى الوصول بهم إلى البراءة.‏‏

وكان عنوان جريدة السوري الجديد الحمصية في اليوم التالي وبالخط العريض «مطالعة رائعة للنائب في محاكمة شباب البعث» على توزيع المناشير، تبرئة الأظناء تقابل بالهتاف للقضاء ونضال الشعب.‏‏

وقد حاز د. الخطيب على تقدير المجتمع السوري وتخليداً لمجهوده التي كرسها لسيادة العدل والقانون منحه مجلس نقابة المحامين بدمشق بتاريخ 21/12/1974 لقب محامي شرف وقلده الشارة الذهبية لمحاميي دمشق بعد قرار بلوغه سن التقاعد وكان ذلك أيضاً تقديراً للخدمات الجليلة التي قدمها للقانون لغة وقضاء وتأليفاً من خلال عمله كقاضٍ وتوكيداً للرابطة الوشيجة التي تصل صناعة المحاماة بعمل القضاء.‏‏

رسائل الخطيب‏‏

لم يكن الخطيب محامياً وقاضياً فذاً فقط بل عالم لغة وأديباً ومن يقرأ في مصنفاته وهي كثيرة سيجد الرسائل المتبادلة بينه وبين الكثير من الأعلام والأدباء العرب على اختلاف بلادهم وهي في معظمها أدب رفيع وحوار بديع.‏‏

ومنها رسالة شاعر العربية الكبير بدوي الجبل، والتي خطّها إلى عدنان الخطيب في 29/4/1975 أي بعد أشهر من مغادرته رئاسة مجلس الدولة وفيها يقول:‏‏

إنك يا أخى وسيدي لتزين كرامة الشام بكرامة عبقريتك، وتجّمل تاريخ الشام بجمال ألمعيتك، وتجمع إلى التفرد بقداسة القضاء التفرد بقداسة الوفاء، وشموخ الإباء، والعلم عندك واسع عميق، ومن نعمة العذوبة في شمائلك نعمة العذوبة في علمك، ولا غموض في عبقريتك ولا أسرار.‏‏

وكان للخطيب مع الكثير من الأصدقاء المفكرين والأدباء رسائل فيها وقفات تأمل في كل دراسة أو إنتاج أدبي لأحدهم إغناءً للمعرفة، ومن هذه الرسائل رسالته للدكتور جورج جبور بتاريخ 3/11/1991، بمناسبة صدور كتابه الهام العنصرية والمجتمع الدولي وفيها يقول: «إن كتابكم مثل رائع يدل على ما تتمتعون به من فكر سامٍ ورؤية واضحة وأصالة عربية غامرة.. تفضل أيها الصديق الكريم بقبول أحر التهاني على كتابكم القيم وعلى جرأتكم في قول الحق لأنه جدير بالدفاع عنه ملء الفم».‏‏

ندوة الثلاثاء‏‏

من المعالم الجميلة في رحلة الخطيب والتي كانت محطّ الأنظار، وموضوع اهتمام رجالات الوطن «ندوة الثلاثاء» ويحدثنا نجله مؤنس عن «الثلاثاء الجميل» كما كان يسميه و كان يحضرها مذ كان يافعاً ولأكثر من ثلاثين عاماً ويخبرنا أن والده أخذها عن أستاذه الكبير محمد كردعلي مؤسس المجمع العلمي بدمشق.‏‏

وهي ندوة أسبوعية غير مقيدة بموضوع، كان والده يعقدها كل ثلاثاء وبلا انقطاع، ولمدة زادت على الخمسين عاماً، وكان موضوعها أحياناً يكون قانونياً أو أدبياً أو اجتماعياً أو سياسياً أو فنياً أو علمياً، وأحياناً تصبح ندوة شعرية وقد حصل ذلك أكثر من مرة، وكان يحضرها أعلام الدول العربية، وأعلام القضاة والمحاماة في السورية ومن الشعراء، شاعر العربية بدوي الجبل، وعبد الكريم الكرمي أبو سلمى، وعلاّمة الفرات عبد القادر عياش، والأديب المشهور الطبيب عبد السلام العجيلي، والأديب الأردني عيسى الفاعوري، ومن العراق الأديب محمود شيت خطاب وغيرهم.‏‏

من مؤلفاته‏‏

بلغت مؤلفات الدكتور عدنان الخطيب المطبوعة أكثر من ثلاثين كتاباً، ويمكن ذكر أهم الكتب المطبوعة في مجموعات حسب الموضوع مرتبة تاريخياً:‏‏

الكتب القانونية:‏‏

- شرح قانون العقوبات (القسم الخاص) الجرائم المخلة بالآداب العامة. دمشق 1950‏‏

- الوجيز في شرح المبادئ العامة في قانون العقوبات السوري. ثلاثة أجزاء دمشق 1956‏‏

الكتب اللغوية‏‏

1- لغة القانون في الدول العربية (طبعة ثانية) دمشق 1952‏‏

2- المعجم العربي ونظرات في المعجم الوسيط، دمشق 1965‏‏

الكتب التاريخية‏‏

1- مجمع اللغة العربية بدمشق في خمسين عاماً - الأعضاء المؤسسون دمشق 1969‏‏

2- الشيخ طاهر الجزائري وأعلام من خريجي مدرسته القاهرة 1971‏‏

كتب التراجم‏‏

1- الشيخ عبد القادر المغربي دمشق 1960‏‏

2- الأمير مصطفى الشهابي دمشق 1968‏‏

3- عارف النكدي حياته وآثاره دمشق 1975‏‏

4- محمد كرد علي وقصة المذكرات دمشق 1976.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية