تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إلى من يهمه الأمر..الأب المهاجر

ثقافة
الجمعة 25-12-2009م
يوسف المحمود

ما الضرورة،إذن الى مثل هذا المنام في غير زمانه؟ لقد وقعت الحرب التي شلحتني الاحلام الأولى. أن أخلف الوالد في زبوناته في هجرته الأولى الى الارخنتين ربما خمس السنوات الأولى من العقد الأول لهذا القرن العشرين اذ جلب من شغل الكشّه في ولاية التوكمان:اضافة الى ردّه الناولون (40 ليرة عصمليهَ) أجرة السعر بالبابور الشحن،

قبل أن يتم السنة. وإلا ذهبت أرضه المرهونة، على الاغلب مع البيت بيعاً ناجزاً.‏

وأرسل معه أيضاً فكاك الارض المباعة شكلياً قيل للحماية تضامناً مع أولاد عمه، أربع ليرات ذهبية، وخامسة ترضية للمشترين شكلياً، للحماية، ولكنهم رضي الله عنهم أخذوا ليرة الترضية ورفضوا بحجة البيع بثمن بخس بيعاً قاطعاً أن يفكوا الرهن.‏

والحمد لله على عودة الغائب، خمس سنوات، بالسلامة ايضاً. فقد جدد بيت ابيه جعل بابه، بدار سيّاحه ميّاحه، الى الغرب بدل الجنوب. زوج نفسه اشترى قوالب عربية. واحترف السكافة بجلد جاموسه من الساحل ميبس بالملح والشمس بالابرة والمخرز والخيط الهندي المشمع!‏

واذ ماتت الزوجة، بضرورة الموت، زي ناس، حرب الاربعة عشر، صودر هو، من فراش عرسه ثانية بضرورة أن تعنى الزوجة العروس بطفلة الزوجة المتوفاة مادام هو متوارياً خارج البيت قريباً أو بعيداً الى حرب التجمع زي الرجال رغم أنه ولد وحيد لأهله!‏

واذ هرب، زي العساكر المصادرين ، بعد سنتين من المصادرة.‏

ولم يكد روعه يهدأ بالعودة الى البيت بانكسار السلطان في تلك الحرب الماحقة، زي العساكر المصادرين.‏

وخلفت فرنسا تركيا حسب اتفاقات سايكس- بيكو في تركة الرجل المريض الذي مات بالفعل. وصرت أنا الصبي الثاني أول العشرينات تلتني ثلاث بنيات بتوالي تلك العشرينات حتى وجد الاسكافي نفسه لايستطيع اطعام العائلة خبزاً من برنوسه ترقع صرماية عتيقة مسمار يضرب بالشاكوش لم يوجد بعد لصرماية خصاف جلد الجاموسة مشدودة بالابرة والخيط والمخرز!‏

والحيلة؟الهجرة الى الارخنتين ،ثانية ولكن هذه المرة برهن البيت والحاكورة تحت البيت وحاكورة توتات السقي تحت العين، عند صاحب الدكان المشتغل بالتسفير، الى البلاد كما صارت تسمية المهاجر.أميركا الجنوبية المكسيك، اميركا الوسطى، والتورتي أميركا!‏

واذ بأول مكتوب للأب المهاجر ثانية، يقرأ بالدموع على الام المنتظرة، على مثل حد السيف يقول: ياريت من غير شر لارحنا ولاجينا التورتي أميركا يقال كبت القمح والدرة الصفراء في البحر. والجوع في كل البلاد مثل جوع أيام حرب التجمع وأزود، الحال واقفة شغل مافي، ومثل حبيب البوعيسى الذي قال أول ماجاء نحن جايين الى أميركا لا لنشتغل بالحصاد وقطف الذرة وقطع قصب المص ( الكانيا)!‏

لو جاء هذه المرة لقال: ياريت من يجد شغلاً لا بمثل ما استكبر عليه سابقاً بل بره وجه السامعين بال... ولا يموت مثل الكلب جوعاً في الغربة..‏

وبعد أن يضيف مكتوب الاب خبر المهاجرين الروس، النساء بنات عائلات اضعاف اضعاف الرجال يقولون امراء وأولاد امراء ياحيف!‏

المكتوب يوصي الام أن تدير بالها على الاولاد عسى أن يفرجها الله قريباً بايجاد شغل للأب ( سيلي).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية