|
أبجــــد هـــوز فقال إنه في أواخر الخمسينيات سنحت له سفرة إلى لندن لدراسة الهندسة, وكان الوالد متوفى والشقيق الأكبر الدكتور عبد السلام يمتلك عيادة في الرقة, دخلها كبير إذا ما قيس بدخل أي مهنة أخرى, فما كان منه إلا أن حض أخاه على السفر مؤكدا له أنه يستطيع أن يرسل له ما يحتاجه من نفقات طيلة سني الدراسة. قرن الدكتور عبد السلام القول بالفعل, وأصبح يرسل إليه الحوالات المالية الكافية لدراسته بانتظام, إلى أن جاء يوم في سنة من مطلع الستينيات.. حان موعد وصول الحوالة, ولكنها لم تصل. ولم يكن أمر الاتصال الهاتفي ممكنا في تلك الأيام, فكتب رسالة إلى أخيه عبد السلام يشكو له فيها من ثقل الدراسة وكثافة الدروس وقلة النقود. ومع عودة البريد وصله جواب عبد السلام يقول له: - عليك يا أخي أن تتدبر أمر نفقات دراستك اعتبارا من الآن بنفسك, فأنا أغلقت عيادتي وأصبحت وزيرا لا دخل لي سوى راتبي. بعد هذه الرسالة شكا الطالب عبد الجبار أمره لله ونزل إلى سوق العمل وشرع يشتغل ورديتين في اليوم لكي يستطيع متابعة دراسته في لندن, استمر هذا الوضع شهورا ثم جاء الفرج برسالة من عبد السلام العجيلي من الرقة (مرفقة بحوالة) يقول له فيها: - أبشر يا أخي, فأنا تركت الوزارة وعدت إلى عيادتي, وصار بإمكاني أن أزودك بالنقود مثل الأول وزيادة. بعد مضي نحو أربعين سنة على هذه الحادثة كان الأستاذ عبد الجبار يقرأ في صحيفة محلية تحقيقاً عن وزير (أو وزيرة لا يذكر) ثبتت عليه إدانة باختلاس مئات الملايين, وتبين أنه خلال توزره قد عين معظم أفراد عائلته في وظائف مهمة, دون أن تكون لديهم كفاءات مناسبة لتلك الوظائف, وأوفد عدداً كبيراً منهم للسفر على حساب الشعب السوري, ودعم أخاه في انتخابات مجلس الشعب حتى أنجحه. قدم عبد الجبار الجريدة للدكتور عبد السلام وقال له: إقرأ. قرأ أديبنا الكبير الكلام المقصود, ثم وضع الجريدة جانباً وقال لأخيه: دع عنك هذا الكلام يا أخي, فلكل شيخ طريقته. |
|