تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


موكب الصراع بين الانبعاث السوري والفعل الهمجي

شؤون سياسية
الاربعاء 9-7-2014
احمد الحاج علي

كلما دخلت على الصراع مرحلة جديدة، تكشفت أبعاد جديدة أيضاً، ليست مختلفة ولا مفاجئة بالتأكيد ولكنها نتاج تلاقي وتقاطع اتجاهين في حركة الصراع،إذ تتبلور المراحل السابقة بخلاصات ونتائج مكشوفة وواضحة المعالم

وفيها تتخلق الصور الجديدة والأبعاد الجديدة التي تستحوذ على مسارات اللحظة الراهنة والزمن القادم ،لعل كل واحد منا الآن ،أعني كل سوري يستوعب في أعماقه حقائق ومعالم المسافة الزمنية التي استغرقها الصراع منذ أكثر من ثلاث سنوات ،كيف كنا ، أين أصبحنا وكيف؟ وأكاد أقول كأنما خرجنا للتو من كابوس وحلم رهيب حط رحاله عند هذه الأيام وهذا ما شكل الدافع الأهم لتتكون منهجية القياس والتحليل عند كل مواطن مترافقة مع فقرات الذاكرة المرة التي اختزنها عقل المواطن ووجدانه،ثمة أسئلة ثلاثة هي على شفة كل إنسان سوري الآن ،كيف حدث هذا الهيجان بدون أن نلقي القبض عليه في مرحلة الإرهاص والانفجار ؟ وما هي حدود المعادلات التي أدت إلى هذا الإرهاب لكي تتحد فيه كل قوى الشر وكل مجموعات العدوان وكل عناصر الموت والتزوير ؟ والسؤال الثالث تطلقه بمرارة تلك الأفعال والسلوكيات والمواقف التي وفدت على رائحة الدم وفي موكب الظلام من أناس كنا نعتقد بأنهم أشقاء وأخوة ومن نماذج في الداخل السوري كنا نعتقد أنهم أبناء وأحفاد؟ تحاصرنا هذه الأسئلة تضغط علينا حتى حدود العصب وتخوم القلب والوجدان ،والوضع الطبيعي أن تهزنا من الجذور وأن تلقي علينا ظلالها المرة وموجاتها المعتمة ،ولايليق بسورية أن تبحث عن أجوبة ضاغطة بدون طرح الأسئلة الصعبة ،ووطننا متميز تاريخياً بأنه يدرك بوعي متألق أبعاد وجوده وحضارته وسلوكه ،ومتألق أبداً بأنه يختصر العلم والحقائق ومنهجية الفكر والتفكير في إطار تنفيذ مهامه الكبرى ،ووطننا سورية متميز بمالا يدع مجالاً للشك بالذكريات التاريخية وبالذاكرة الحية التي لا تنكفئ ولا تنطفئ ولا تنوس ولايجري التستر عليها إلى حدود اليباس والتحنيط ،في وطننا خبرة الوقائع وإبداعات العطاء وميزة التواصل بلا انقطاع ما بين جيل وآخر وما بين مرحلة وأخرى وما بين الذات الوطنية ومواقع البشر أينما كانت في المحيط العربي أم في قارات العالم على تنوع وتناقض ما في هذا العالم من تحولات وصراعات ومنعطفات كبرى ونحن وحدنا ودون غيرنافي سورية البيئة الكبرى التي مازالت راسخة الجذور نامية التعبير والتطور حاملة لهموم الناس متحركة نحو الآخرين مهما كانت مستوياتهم وأفعالهم ،لعلنا الآن من خلال فيض الأسئلة التي طرحت ندرك أن حجم العدوان علينا هو بحجم سورية بابعادها التاريخية والموقفية والواقعية ،ولذلك قلنا إنه كلما سددنا موجبات مرحلة في الصراع استحدثت القوى المعادية خيوطاً وخطوطاً مفتعلة ليتسلل منها جيل جديد من أسلحة الموت وأفكار الخيانة لرسالات البشر ،والصور أمامنا تصفعنا ،تستهلك فكرنا وجوارحنا وثوابت استقرارنا على مر الزمن ويعرف كل إنسان على الأرض بأن هذا المدى من وحدة القوى المعادية ، دولاً وأنظمة سياسية ومنظمات وتنظيمات تكفيرية لايمكن لها أن تتحد إلا على الخطتين ضدنا لحظة المعيار السوري الإنساني المتوهج بلا انقطاع حتى في زمن الانحطاط وعصور الظلام ومواكب الغرباء عن القيم والدين والأهداف والأدوار الكبرى ومازالت تقلقهم هذه اللحظة السورية ، إذكيف يفنى الزمان وينفجر البنيان عشرات المرات في التاريخ وتبقى سورية مضيئة فوق الأرض وتحت الأرض قادرة على استئناف دورها الحضاري والتاريخي والذي من خلاله تنجز فعل الصحوة بعد الكبوة والطاقة الكبرى في اتخاذ القرارات الكبرى في زمن العاصفة والظرف الصعب ، أرادت قوى الشر في العالم أن تفترس هذه اللحظة السورية عبر اغتيال سورية بما فيها ومن فيها لكي يخلو لهم الجو وتبدأ الرحلة المشؤومة لإلقاء القبض على كرة أرضية ليس فيها من البشر سوى الأتباع والعبيد والمرتزقة وأصحاب الوجدان الأعجف والنفس المريضة ، وأما اللحظة السورية الثانية فهي المتمثلة أبداً في كونها موئلاً للحق والحقيقة تستقبل حقائق التاريخ وتستقر فيها رسالات السماء وتتجذر في أعماقها معالم التمييز بين الموت والحياة بين الاندثار والانبعاث ،وتعرف سورية بموجب ذلك أنها تدفع الفناء عن ذاتها وتبحث عن سلام ورخاء وبناء لابد أن يشترك فيه العالم كله في الزمان كله، جميعهم أدركوا هذه الخاصية السورية ، وجميعهم استلوا سيوفهم الصدئة لاغتيال وطن الإنسان .‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية