|
مجتمع عمالة الأطفال أصبحت تشكل اليوم ظاهرة خطرة بالنسبة للعالم أجمع! ومع وجود أطفال عاملين في كل مكان نقصده بات أمراً مقلقاً للجميع نظراً لما له من تأثير على حياتنا وحياة الأطفال ومستقبلهم ،ناهيك عن الأطفال المشردين الذين يجوبون الشوارع الذين أرغموا على ترك المدرسة... وفي الحقيقة إن موضوع عمل الأطفال الذين هم دون سن الست سنوات موضوع هام جداً للمجتمع السوري بشكل عام فنحن نراهم في الأحياء والأزقة الضيقة والشوارع الكبيرة يمسحون زجاج السيارات وينظفون الأحذية والبعض يبيع الأشياء على الرصيف، والبعض يتنقل بين الباصات والسيارات ليبيع العلكة أو المحارم وغير تلك المهن التي يحترفونها يوما بعد يوم...
أجل نراهم كل يوم عندما نتوجه إلى عملنا وعندما نعود، ولكن السؤال ماذا نستطيع أن نعمل لأجل هؤلاء الذين لا يعيشون الفقر والبؤس فقط، بل يعيشون الحرمان بأنهم أطفال يحق لهم العيش بكرامة والذهاب للمدرسة واللعب مع رفاقهم بدلا من أن يقضوا الليل والنهار في شوارعنا ليأتوا بالمال الذي بالتأكيد لا يكفيهم طعاماً ولباساً... الأسباب والدوافع... البعض يوجه أصابع الاتهام إلى الأم التي تعتبر عماد الأسرة والرابط الأساسي بين أفرادها في هذا الموضوع لتحملها مسؤولية التفكك الأسري، أما أسباب هذه الظاهرة فهي متعددة، ولعل أهمها يعود للتشرد والبؤس والفقر وتفكك الأسرة( كطلاق الأب والأم) وأسباب أخرى كالجهل.. وسوء التكيف الاجتماعي الذي يعاني منه الطفل، أما أسبابه فتتلخص في عدم قدرته على التكيف مع المحيط الذي يعيش معه وعدم قدرة البعض من الأطفال على متابعة الدراسة و التكيف مع زملائهم في المدرسة، وهذا ما يدفعهم إلى الانحراف بعيداً عن طريق التعليم و الذهاب للعمل بدلا من الدراسة ،أما التنشئة الاجتماعية فلها دور كبير في حياة الطفل حيث إن دور الأسرة يتمثل هنا في مدى قدرتها على إكساب الطفل العادات والتقاليد السليمة ،وتنشئة الطفل على الأخلاق الحميدة والقيم والمبادىء الإيجابية والتي تنمي شخصيته بشكل سليم... و بدون تلك التنشئة الصحيحة يدفع الأطفال ثمن نزولهم إلى سوق العمل وتحمل المسؤولية عن غيرهم..! هناك دوافع أخرى تدفع بالأطفال إلى العمل، ولعل أبرزها الجانب الاقتصادي و ارتفاع عدد أفراد الأسرة، الذي يؤدي بدوره إلى تدني الدخل لهذه الأسرة والتي تلجأ بدورها وبسبب الحاجة وعجز الكبار إلى زج أطفالهم بالمهن المتعددة.... والسؤال الذي نطرحه هنا هل أصبحت الأسر الفقيرة تعتمد على أطفالها لتأمين قوتها واحتياجاتها... وأصبح أجر الطفل بمثابة المصدر الأساسي للعيش...! بلا شك هناك أسباب كثيرة لتنامي هذه الظاهرة الخطيرة و لكن على الرغم من قسوة هذا الموضوع على المجتمع بشكل عام إلا أن عمالة الأطفال تتزايد كل يوم وتحت أنظار كل الجهات الرسمية والأهلية... فإلى متى نقف متفرجين غير فعالين لانملك القرار لمناهضة هذه الظاهرة...! نتائج استغلال الأ طفال هناك أشكال عديدة لاستغلال الأطفال منها الاستغلال الجسدي الجنسي وحتى العاطفي وفي الواقع أظهرت دراسات عديدة أن استغلال الطفل قد يرتبط بالمشكلات التنموية والاجتماعية والعاطفية في الحياة المستقبلية لأولئك الأطفال الذين كانوا ضحايا الاستغلال ... كما اظهرت احصائيات متعددة أن استغلال الطفل وإهماله يؤدي إلى العديد من الوفيات والإعاقات والأمراض والاضطرابات النفسية والجسدية التي لاتظهر إلا بعد سنوات عديدة من حدوث الاستغلال .... بالرغم من القوانين والاتفاقيات ... غياب الأرقام الرسمية إن عدم وجود احصائيات حقيقية لعدد الأطفال العاملين يعود لأسباب اجتماعية لعل أبرزها تهرب أرباب العمل من مسؤولياتهم تجاه هؤلاء الأطفال الذين يعملون دون السن القانونية و بصورة سرية عند بعض أرباب العمل الذين يفضلون عدم الإفصاح عنهم ... ولكن مادور الجهات الرسمية المعنية بشؤون الأسرة والمجتمع وفي هذا الخصوص حدثنا السيد مدير الشؤون الاجتماعية والعمل بطرطوس إن هذه الظاهرة منتشرة بنسبة ضئيلة على مستوى محافظة طرطوس وتقتصر على تشغيل بعض الأطفال الذين يساعدون أقرباءهم وقت الفراغ لكن الواقع يتحدث غير ذلك فنحن نرى الأطفال العمال عند إشارات المرور باستمرار وعلى أرصفة الشوارع يمسحون الأحذية وفي ورشات الصناعة والنجارة وفي الحقول الزراعية يعملون وبأجر متدن جداً .... عند سؤالنا عن دور الشؤون الاجتماعية والعمل في الحد من هذه الظاهرة قال : يقتصر دورنا على إرسال مفتشي عمل إلى الورشات وقطاعات العمل الخاصة ومراقبة أرباب العمل الذين يشغلون أطفالاً دون السن القانونية أي دون الخامسة عشرة من العمر ويتم توجيه إنذار بحق هؤلاء الأرباب ... أما رب العمل الذي يشغل أولاداً من سن الخامسة عشرة وحتى الثامنة عشرة بمعرفة الوالدين فنحن لانتخذ بحقه أي إجراء ... ولكن ماذا عن دور الجمعيات الأهلية التي من المفترض أن تساهم في مكافحة هذه الظاهرة الاجتماعية و أن يكون لها بالفعل الدور الايجابي وأن تعنى بالأطفال المحرومين والذين يعملون دون وجود أي رقابة عليهم من جهة مسؤولة .... وهكذا نرى أن عمل الشؤون الاجتماعية والعمل للحد من هذه الظاهرة يقتصر على الاستقصاء والرقابة وتوجيه الانذارات ولكن السؤال ماذا بعد ؟ هذا وبالرغم من صدور القانون رقم 24 لعام 2000م المتعلق بعمالة الأطفال والذي حدد السن الأدنى لدخولهم سوق العمل بما لايقل عن 15 عاماً لكل أنواع العمل، وتضمن المادة 124 من ذاك القانون إبعاد الطفل عن الأعمال المرهقة والخطيرة ... وبالرغم من تحديد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل المهن الصعبة لعمل الأطفال منها الحدادة وورش البناء و النجارة وغيرها ... فإن الواقع يتحدث عكس هذه القوانين فنسبة كبيرة من الأطفال يعملون في هذه الأعمال الخطيرة ....!! وفي الختام ... يجب أن نعترف انه وعلى الرغم من محاولات البعض التقليل من أهمية عمالة الأطفال إلا أنها ظاهرة للجميع وتكثر كل يوم أمام عيون الجهات المعنية بهذا الموضوع ويجب أن لاننسى أن المجتمع السوري مجتمع فتي وحوالي 53٪ من السكان هم دون سن الـ 19 سنة، ولذلك أن نعطي قضية حماية الطفل أولوية قصوى وأن نعي أهمية حقوق الأطفال وخاصة أن سورية صدقت عام 1993م على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل .... |
|