|
الافتتاحية كأن المفسدين في الأرض يخجلون مما فعلت أيديهم، وما اقترفه جشعهم، فيتنادون إلى ما يشبه بطاقة اعتذار جماعية من الأرض وسكانها. ليست المرة الأولى التي يتنادون بها إلى «قمة» تبحث شؤون المناخ وما حلّ بالأرض ولن تكون الأخيرة.. إنما يحاولون أن يظهروا أن ثمة خطة تشغل أذهانهم تعتمد على الدعم الرأسمالي من أجل إصلاح ما في واقع ينذر بكل الأخطار. المشكلة مع الرأسمالية أنها ترى في المال والتملك مفتاحاً لكل شؤون الحياة.. وتغطي هذه الرؤية ليس ما تشهده الأرض من انحباس حراري وخراب بيئي فحسب.. بل تغطي أيضاً الحروب والفقر والمجاعات وتدهور مختلف شؤون الحياة البشرية والنباتية والحيوانية. هكذا وبحثاً عن المال واستجابة للجشع وإرواء للطمع.. تجردت إفريقية من غاباتها.. سلب من آسيا دمها... وصغر الأمازون.. وتهدد النيل.. وعوضاً عن جريان الماء في الأنهار تجري الدماء.. فما الذي سيقولونه في كوبنهاغن؟.. طبعاً أقطاب الإفساد للأرض ومناخها ليسوا بمنأى عن الأذى الذي تسببوا به.. لكن.. يجنون من إفسادهم كثير الأرباح.. ويحصد الفقراء من آثاره الموت والدمار.. ونتيجة الواقع السيئ الراهن للأرض الذي يهدد كل من عليها غنياً وفقيراً- دون مساواة – تنبهوا إلى أن الكارثة تتحداهم أيضاً وليسوا في منأى عنها.. فتهاتفوا إلى لقاء يحاولون فيه وقف التدهور تمهيداً لتحسين الواقع.. لا يمكننا إلا أن نرحب.. ونحن في مركب واحد.. لكن.. مع الترحيب لا نقبل الخدعة.. فالهم كبير والفعل صغير. لنتصور مثلاً أن ما أنفقته الامبريالية العالمية في حروبها الحديثة على أفغانستان والعراق وفلسطين والسودان والصومال.. وأميركا اللاتينية.. والخ.. أنفقته لإصلاح كوكب الأرض.. لنتصور النتيجة!! عندما تطلب منهم عشرة مليارات لمعالجة تدهور الأرض والمناخ .. يعدون.. يحسبون.. يؤخرون.. يقدمون.. ثم على الأغلب لا يدفعون.. وعندما يريدون نفط الشرق الأوسط أو غلال إفريقية أو تدارك ما يهددهم في آسيا.. يدفعون على الحروب دون تفكير .. ودون حسابات تقريباً.. مشكور الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي أعلن أنه سيحضر قمة كوبنهاغن في يومها الأخير..!! مشكور رغم أنه تردد في ذلك..!! ونرجو ألا يضيق بالمطلوب من بلاده لدعم واقع الأرض والبشرية رغم أنه لا يتعادل مع الخراب الذي أحدثته.. ونعتقد أن المطلوب منه مبدئياً يقل عن تكلفة نقل 30 ألف جندي أميركي إلى أفغانستان.. مع تشعبات الفاتورة.. بدءاً من الاستعداد والنقل والأجور والسلاح والذخيرة.. وانتهاء بالموت والدمار والخراب الذي ستحدثه. هل يعتقد أحد في الدنيا أن إصلاح المناخ والتوازن البيئي يمكن فعلاً أن يتم بمعزل عن التفاهم البشري وإيقاف الحروب وتعميم السلام؟. هذا محض خيال!! الذين يقبلون ما جرى ويجري في غزة وفلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان.. وجوانب متعددة من العالم.. هل يمكن أن يكونوا جديين في وقف الانحباس الحراري في الكرة الأرضية!!. المناخ يتحدى الجميع.. تدهور البيئة يتحدى الجميع.. ألا يتحدى الفقر والجوع، المناخ والبيئة والحياة أيضاً؟! ألا تتحدى الحروب حياة البشر؟! ألا تتحدى لغة السلاح بعيداً عن لغة الحوار الكرة الأرضية..؟! نتمنى كل الخير لقمة كوبنهاغن التي تفتتح اليوم.. وننتظر الفعل. |
|