تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثقة بالأبناء لا تعني عدم متابعتهم

امرأة وشباب
الثلاثاء 28-6-2016
الخروج من عام دراسي طويل ومضنٍ لا يكون على دراجة نارية على سبيل المثال ولا إلى ساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي أو إلى تمضية جلّ الوقت بالنوم والكسل واللامبالاة..

نعم، أبناؤنا بحاجة للراحة والترفيه وإلى وقت يكون ملكهم ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن يكون ذلك بصورة سلبية يمكننا مراقبة بعض فصولها أينما التفتنا حولنا بأبنائنا وأبناء جيراننا وأصدقائنا..‏‏

تربيتنا لأبنائنا في بعض مواضعها قادتهم إلى (التشرّط) علينا مقابل نجاحهم واجتهادهم، فلم يعد غريباً إن اشترط (ح) على أبيه أن يسمح له بركوب دراجته النارية وشراء جهاز موبايل إن زاد مجموعه عن الـ (3000) علامة في صف انتقالي، لكن الغريب هو أن يقبل الأب بهذا الشرط وأن يعتبره حقاً طبيعياً لابنه!‏‏

هذه واحدة أما الأخرى فإن (م) الجامعي لا يأتي إلى منزل أهله إلا كل شهر مرة بحجة أنه يوفّر على أهله أجرة الطريق من اللاذقية حيث يدرس في جامعة تشرين إلى ريف طرطوس حيث يسكن ذووه، ويتحدث الأهل بإعجاب عن ابنهم وأنه سابق عمره من جهة تحمّل المسؤولية ومراعاة وضعهم المادي الصعب لتصلهم المفاجأة وهي أنه بثمن المحاضرات الذي يرسلونه له يشتري دخاناً ويقضي وقتاً في الكافيه مع الأركيلة!‏‏

لا نعمم، ولكن عندما نشير إلى حالات خاصة جداً فإنما القصد هو تعميم الفائدة من أخطاء الآخرين، ونعلم أن أي معادلة لا تكون إلا بطرفيها، أي لا نذهب إلى تحميل الأبناء كامل المسؤولية بل إن القسم الأكبر يتحمله الأهل الذين كذبوا الكذبة على أنفسهم وصدقوها وارتموا مستسلمين لأوهامهم ولضعفهم بالحديث عن ظروف صعبة تمنعهم من الالتفات إلى أبنائهم أو على الأقل تشغلهم بعض الشيء عن هؤلاء الأبناء، فإن كان الواقع المعيشي الصعب فرض على الكثيرين منّا العمل ليل نهار لتوفير متطلبات الحياة المتزايدة فإن هذا السعي لا يحقق المردود الذي يعوّض خسارة استثمارنا كأهل في أبنائنا حتى في الحالات التي يضع الأهل كل دخلهم الإضافي ثمناً لدروس خصوصية قد تنفع أولادهم بعض الشيء لكنها تزيد المسافات بين الأهل والأبناء..‏‏

هذه الأوقات هي فترة الحصاد والتعايش مع النتائج التي حققها الأبناء وخيبات الأمل لدى الكثيرين كانت واضحة والسيد ( م - ع) الذي أضاف لعمله عملاً جديداً ليغطي نفقات أبنائه على حدّ تعبيره وبعد مراجعة حسابية بسيطة اكتشف أن مجموع ما أنتجه خلال العام الدراسي كان أقل من مئتي ألف ليرة سورية في حين أن المبلغ الذي دفعه لابنتيه خلال العام الدراسي لقاء دروس خصوصية أكبر من هذا المبلغ والنتيجة لم تكن مسرّة والمستوى على حاله ولو أنه تفرّغ لتعليم أولاده حسب قوله لكان أفضل له من جميع النواحي!‏‏

الصداقة بين الأهل والأبناء جيدة شرط أن تُبنى على الوضوح وإلا على الأهل أن يكونوا أكثر حزماً في تفاصيل تبدو صغيرة الآن تبدأ من «الخرجية» وتمتد إلى كل شيء قبل أن تتراكم هذه التفاصيل فيصبح من الصعب إزالة ما هوسلبي منها.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية