|
خَطٌ على الورق نقرأ «عدالته» من منظور له علاقة بالذبول الذي يحكمنا، يبدأ الأصدقاء بالتساقط من حولك في حالة من التداعي و التتالي لا تترك لك فرصة لتتذكر أحدهم بكلمة طيبة ، ربما ترثي فيها نفسك قبل أن ترثي أحدهم. وما عبارة «الموت حق» إلا مواساة من الأحياء لأرواحهم التي تنتظر. يموت الكثيرون و تجري رياح الوداع بين روحك و من ائتلفت من أرواح خلال سنين الحياة، فمن لك تتهمه غير التقدم في العمر، لعلهم من أجل ذلك سموه أرزل العمر، أن تعيش فتشهد موت أصدقائك. قبل أقل من خمس سنوات، بعد بداية الأحداث الدموية في سورية، التقيت صديقي الراحل نزار صائب للمرة الأخيرة، في مقهىً صغير على واجهة أحد الفنادق وسط مدينة دمشق، كان طعم أكثر من خمس عشرة من سنوات صداقة حقيقية نشأت بيننا، لم تغب عن نهاراتنا ولا عن ليالينا، قد بدأ يفسد بفعل الأحداث التي تجري و التي أصبحت المازة و الكأس معاً، و كان أبو راغب متوجهاً إلى كندا حيث تقيم أسرته واعداً دمشق بعودة قريبة لكنه.. مضى و لم يعد. أعود لأقول : الموت حق .. لكن .. هل هي عوامل السن والدفاع عن الروح التي تجعلني أخشى أن تكون حياتنا المجتمعية والجمعية في شيخوخة ؟! أعني هل ستستعيد الحياة رجالاً و نساء من ذاك الجيل بدؤوا ينزوون واحداً بعد الآخر و آخرهم من زاويتي نزار صائب. من نحن ؟ نحن الذين ولدنا في الخمسين عاماً التي تتوسط القرن العشرين، فشهدنا زرع المرتكزات التي قامت عليها حياتنا خلال تلك العقود وما تلاها حتى اليوم. أستطيع أن أستوعب موت كل الأصدقاء الذين رحلوا بغزارة في بضع السنوات الأخيرة .. أستطيع أن أستوعب حتى الموت الجماعي القاهر القاتل المخزي المؤلم المجرم ...لكن كيف سأستوعب موت الروح قبل أن تفارق الحسد ؟!. كيف أستطيع أن أفهم أن الأمم المتحدة تنتخب اسرائيل لرئاسة اللجنة القانونية في الجمعية العامة ... أقول : العرب الذين صوتوا «وبينهم مصر يا للأسف» والذين لم يعترضوا على ذلك ، مات فيهم الضمير والروح والأمل والارادة منذ أسقطوا القضية .. قضية فلسطين .. هي التي كانت تجمعنا جميعاً ... وباتت عاجزة عن جمع حتى الفلسطنيين الذين كثيرون بينهم من لا يريدون العودة إلى ذاك الهم الثقيل .. و يفضلون أوسلو أو حلم آخره في جنات عدن. هذا من ناحية العرب المخذولين على هوامش التاريخ .. لكن ماذا عن دول العالم و الهيئة الدولية ... كيف سمحت بمرور هكذا قرار يهتك كل ما بقي من ستر يستر زاوية من زواياها ؟؟!!. هل تأثر العالم و مرضت ثقافته ومات ضميره مع شيخوخة القضية الفلسطينية ، أنا واثق أن صديقي الراحل نزار صائب ... تأثر ... ألم أقل لكم أنه ابن ذاك الجيل؟!. |
|