|
قاعدة الحدث أليس مثيراً للتساؤل أن يكون مصدر الخبر هو البنتاغون نفسه الذي كان قد أعلن نهاية العام الماضي عن سحب القوات الأميركية من هناك جزئياً بعد القضاء على داعش؟ أليست هوليود الأبرع في التمثيل والإخراج...على مستوى العالم؟ لماذا يسعى الأميركيون إلى ربط عودة التنظيم إلى كل من سورية والعراق بقرار انسحاب قواتهم المحدود من سورية في نهاية العام 2018 ؟ مجموعة من الأسئلة تضاف لها أسئلة أخرى تثير الفضول كثيراً، كيف ظهر هذا التنظيم الإرهابي فجأة في سياق تطور الحرب في سورية والعراق ومن يقف وراء ولادته، ولماذا ؟ أقامت وكالة الاستخبارات الأمريكية (C I A) معسكرات تدريب كبيرة ومتعدّدة في أفغانستان وغيرها، وجنَّدت خلال عشر سنوات (1982-1992) قرابة 35 ألف «متطرف» من 43 دولة إسلامية؛ للقتال في المناطق المحددة وضمن أجندة محدّدة، ودفعت الـ C I A ثمن الإعلانات التي ظهرت في الصحف والنشرات الإخبارية ووسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم لتوفير الإغراءات وتقديم المحفزات للانضمام إلى هذه المعسكرات وإلى هذه المجموعات من الإرهابيين. وتنظيم «الدولة» في الأصل هو أحد فروع هذا الكيان الذي أنشأته الاستخبارات الأمريكية بدعم وتعاون من المخابرات البريطانية MI6، والموساد الإسرائيلي، ورئاسة المخابرات العامة السعودية GIP وأجهزة استخبارات أخرى، وذلك لأهداف خبيثة كثيرة وعميقة بعيدة المدى. إن التشويش الكبير الذي تنشره وتؤكده المواقع الغربية الواسعة الانتشار والتي تحاول إلقاء اللوم بما يجري في كل من العراق وسورية على الظلم الاجتماعي وعدم تحقيق نظام العدالة الاجتماعية والفقر، ليس صدفة بل هو جزء من المخطط لإبعاد الشبهة عن المجرم الحقيقي، وإن كان الكثيرون في المجتمع العربي قد تبناه وصار يمارسه وجعل من نفسه دون أن يدري جزءاً من الجهاز الإعلامي التشويشي على الحقيقة وذلك للإيهام بأن داعش وليدة ذاتية للمجتمع العربي المتخلف وبالتالي تبرئة لأميركا وإسرائيل من جريمة خلقها، بينما هما اللتان تقدمان العون والدعم بكل أشكاله لداعش ولكل منظمة تسعى لتدمير وتقسيم سورية والعراق لأن المصالح تقاطعت بينهم نظرا لوجود عداء بينها وبين سورية، ولممارسة الخداع والتضليل تظاهر الغرب بمحاربة داعش وتم تشكيل التحالف الدولي برغبة من واشنطن وخارجاً عن مجلس الأمن والذي قام بآلاف المهمات والطلعات بزعم ضرب داعش والتي كان يروح ضحيتها غالبًا السكان المدنيون عبر مجازر بشعة لا بل قامت الولايات المتحدة وغيرها بإرسال قوات برية والهدف الحقيقي ليس محاربة تنظيم الدولة بل احتلال وتقسيم سورية ونهب نفطها. اعتمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها (خاصة تركيا والسعودية وقطر) على إمداد داعش بشحنات أسلحة مصنّعة في أوروبا الشرقية والبلقان وإسرائيل والولايات المتحدة، وقام الجيش الإسرائيلي من الجولان المحتل بتقديم الأسلحة والذخائر والدعم اللوجستي لها، ورغم السعي لإخفاء الحقيقة، فإن الكثير من شحنات الأسلحة والعتاد والعربات التي تم تسليمها للإرهابيين قد تم شراؤها مباشرة من قبل الولايات المتحدة. تعددت مصادر تمويل داعش، وهنا لابد أن نفصل بين مرحلتين زمنيتين بالنسبة للتنظيم، المرحلة الأولى وهي تلك التي تلت نجاح التنظيم في السيطرة على الموصل العراقية، فضلا عن احتلاله مساحات شاسعة من شرقي سورية التي تضم الرقة ودير الزور والحسكة، وهو ما يساوي مساحة بريطانيا، إذ تعددت مصادر تمويل التنظيم في هذه المرحلة، فشملت قيامه ببيع النفط المستخرج والمسروق من المناطق المسيطر عليها في شمال سورية وبيجي العراقية بشكل غير شرعي وبأبخس الأثمان في السوق السوداء حيث أفادت التقارير بأنه كان يسيطر على نحو ٨٠٪ من النفط والغاز السوريين واستيلائه على سبائك ذهبية تقدر بأكثر من ٤٣٠ مليون دولار وعشرات الملايين الأخرى بالبنوك في الموصل، وهو بالطبع مبلغ كبير تمكّن به التنظيم من أن يخصص رواتب ثابتة لمقاتليه ومن ينضم للتنظيم، فيما قام أيضا بفرض إتاوات على شركات نقل المنتجات النفطية ومحطات الوقود والمحال التجارية وشركات الهاتف المحمول والمنتجات الزراعية، وغير ذلك من أنشطة الحياة، فضلا عن الاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والعقارات والأوقاف، التي كانت تعود ملكيتها للبلديات والمؤسسات الحكومية وبيع الآثار وتجارة الأعضاء وتجارة السلاح. يبدو أن واشنطن تريد أن تبقى في سورية إلى أمد آخر ولذلك لابد أن يعود داعش قبلها... |
|